كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 175 """"""
إليه ، هو لمن يقال : هو لك ، لا لمن يقول : هو لي " ولقد شاورني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الصهر ، فذكر فتياناً من قريش ، فقلت : أين أنت من علي ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : إن لأكره لفاطمة ميعة شبابه ، وحداثة سنه ، فقلت له : متى كنفته يدك ، ورعته عينك ، حفت بهما البركة ، وأسبغت عليهما النعمة ، مع كلام كثير خاطبته به رغبة فيك ، وما كنت عرفت منك في ذلك حوجاء ولا لوجاء ، فقلت ما قلت وأنا أرى مكان غيرك ، وأجد رائحة سواك ، وكنت إذ ذاك خيراً لك منك الآن لي ؛ ولئن كان عرض بك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في هذا الأمر فلم يكن معرضاً عن غيرك ، وإن كان قال فيك فما سكت عن سواك ، وإن تلجلج في نفسك شيءٌ فهلم فالحكم مرضي ، والصواب مسموع ، والحق مطاع ؛ ولقد نقل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ما عند الله عز وجل وهو عن هذه العصابة راض ، وعليها حدب ، يسره ما يسرها ، ويسوءه ما يسوءها ، ويكيده ما كادها ، ويرضيه ما أرضاها ، ويسخطه ما أسخطها ، أما تعلم أنه لم يدع أحداً من أصحابه وأقاربه وسجرائه إلا أبانه بفضيلة ، وخصه بمزية ، وأفرده بحالة ؟ أتظنه ( صلى الله عليه وسلم ) ترك الأمة سدىً بددا ، عباهل مباهل ، طلاحي ، مفتونةً بالباطل ، معنونةً عن الحق ، لا ذائد ولا رائد ، ولا ضابط ولا حائط ولا رابط ، ولا ساقي ولا واقي ، ولا هادي ولا حادي ؛ كلا ، والله ما اشتاق إلى ربه تعالى ، ولا سأله المصير إلى رضوانه وقربه إلا بعد أن ضرب المدى ، وأوضح الهدى ، وأبان الصوى ؛ وأمن المسالك والمطارح ، وسهل المبارك والمهايع ، وإلا بعد أن شدخ يافوخ الشرك بإذن الله تعالى ، وشرم وجه النفاق لوجه الله سبحانه ، وجدع أنف الفتنة في ذات الله ، وتفل في عين الشيطان بعون الله ، وصدع بملء فيه ويده بأمر الله عز وجل ؛ وبعد ، فهؤلاء المهاجرون والأنصار عندك ومعك في بقعة واحدة ، ودارٍ جامعة ، إن استقالوني لك ، وأشاروا عندي بك ، فأنا واضعٌ يدي في يدك ، وصائرٌ إلى رأيهم فيك ، وإن تكن الأخرى فادخل في صالح ما دخل فيه المسلمون ، وكن العون على

الصفحة 175