كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 183 """"""
ومن كلام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ما كتب به إلى معاوية بن أبي سفيان جواباً إن كتابه - وهو من محاسن الكتب - كتب رضي الله عنه : أما بعد ، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله تعالى محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) لدينه ، وتأييده إياه بمن أيده به من أصحابه ، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجباً ، أفطفقت تخبرنا بآلاء الله عندنا ؟ فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر ، أو داعي مدرهٍ إلى النضال ؛ وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلانٌ وفلان ، فذكرت أمراً إن تم اعتزلك كله ، وإن نقص لم يلحقك قله ؛ وما أنت والفاضل والمفضول ، والسائل والمسئول ؟ وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين ، وترتيب درجاتهم ، وتعريف طبقاتهم ؟ هيهات لقد " حن قدحٌ ليس منها " وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها ، ألا تربع على ظلعك ، وتعرف قصور ذرعك ، وتتأخر حيث أخرك القدر ، فما عليك غلبة المغلوب ، ولا لك ظفر الظافر ، وإنك لذهابٌ في التيه ، رواغٌ عن الفضل ، ألا ترى - غير مخبر لك ، ولكن بنعمة الله أحدث - أن قوماً استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين - ولكل فضل - حتى إذا استشهد شهيدنا " هو حمزة " قيل : سيد الشهداء ، وخصه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بسبعين تكبيرةً عند صلاته عليه ؛ ألا ترى أن قوماً قطعت أيديهم في سبيل الله - ولكل فضل - حتى إذا فعل بأحدنا ما فعل بأحدهم قيل : الطيار في الجنة ، وذو الجناحين " هو جعفر " ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكرٌ فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجها آذان السامعين ، فدع عنك من مالت به الدنية فإنا صنائع ربنا ، والناس بعد صنائع لنا ، لم يمنعنا قديم عزنا ، وعادي طولنا على قومك أن خلطناهم بأنفسنا ، فنكحنا فعل الأكفاء ولستم هناك ، وأنى يكون ذلك كذلك ؟ ومنا النبي ومنكم المكذب ، ومنا أسد الله ، ومنكم أسد الأحلاف ، ومنا سيداً شباب أهل الجنة ، ومنكم صبية النار ، ومنا خير نساء العالمين ، ومنكم حمالة الحطب ؛ فإسلامنا قد سمع ، وجاهليتنا لا تدفع ، كتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا و هو قوله سبحانه : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله " وقوله تعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي

الصفحة 183