كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 186 """"""
وأتى الأحنف مصعب بن الزبير يكلمه في قوم حبسهم فقال : أصلح اللّه الأمير ، إن كانوا حبسوا في باطل فالحق يخرجهم ، وإن كانوا حبسوا في حق فالعفو يسعهم ؛ فخّلاهم .
ولما قدم وفد العراق علة معاوية وفيهم الأحنف ، خرج الآذن فقال : إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكم ألا يتكلم أحد إلا لنفسه ، فلما وصلوا إليه قال الأحنف : لولا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته أن داّفةً " أي الجماعة " دفت ، ونازلةً نزلت ، ونائبةً نابت ، وكلهم بهم الحاجة إلى معروف أمير المؤمنين وبره ؛ فقال : حسبك يا أبا بحر ، فقد كفيت الغائب والشاهد .
ولما خطب زياد بن أبيه بالبصرة قام الأحنف فقال : للّه الأمير ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ قد فلت فأسمعت ، ووعظت فأبلغت ؛ أيها الأمير ، إنما السيف بحده ، والقوس بشده ، والرجل بمجده ؛ وإنما الثناء بعد البلاء ، والحمد بعد العطاء ؛ ولن نثني حتى نبتلي ، ولا نحمد حتى نعطي .
ولما حكم أبو موسى الأشعري أتاه الأحنف فقال له : يا أبا موسى ، إن هذا مسير له ما بعده من عزّ الدنيا أو ذلّها آخر الدهر ، ادع القوم إلى طاعة عليّ ، فإن أبوا فادعهم أن يختار أهل الشام من قريش العراق من أحبوا ، ويختار أهل العراق من قريش الشام من أحبوا ، وإياك إذا لقيت ابن العاص أن تصافحه بنية ، وأن يقعدك على صدر المجلس ، فإنها خديعةٌ ، وأن يضمك وإياه بيتٌ فيمكن لك فيه الرجال ، ودعه فليتكلم لتكون عليه بالخيار ، فالبادئ مستغلقٌ ، والمجيب ناطقٌ ؛ فما عمل أبو موسى إلا بخلاف ما قال الأحنف وأشار به ، فكان من الأمر ما كان ؛ فلقيه الأحنف بعد ذلك فقال له : أدخل واللّه قدميك في خفّ واحدةٍ .
وقال بخراسان : " يا بني تميم ، تحابوا " تجتمع كلمتكم " وتباذلوا تعتدل أموركم ، وابدءوا بجهاد بطونكم وفروجكم يصلح دينكم ، ولا تغلوا يسلم لكم جهادكم . ولمّا قدمت الوفود على عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، قام هلال بن بشر فقال : يا أمير المؤمنين : إنا غرّة من خلفنا من قومنا ، وسادة من وراءنا من أهل مصرنا ؛ وإنك إن تصرفنا بالزيادة في أعطيتنا ، والفرائض لعيالتنا ، يزدد بذلك

الصفحة 186