كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 188 """"""
مبهمة ، ولا سوداء مدلهمة ؛ فأنى تريدون رحمكم الله ؟ أفراراً عن أمير المؤمنين ، أم فراراً من الزحف ، أم رغبةً عن الإسلام ، أم ارتداداً عن الحق ؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول : " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول : اللهم قد عيل الصبر ، وضعف اليقين ، وانتشرت الرغبة ، وبيدك يا رب أزمة القلوب ، فاجمع الكلمة على التقوى ، وألف القلوب على الهدى ، ورد الحق إلى أهله ؛ هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل ، والوصي الوفي ، والصديق الأمير ؛ إنها إحنٌ بدرية ، وأحقادٌ جاهلية ، وضغائن أحدية ، وثب معاوية حين الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس ؛ ثم قالت : قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ؛ صبراً معشر المهاجرين والأنصار ، قاتلوا على بصيرة من ربكم ، وثباتٍ من دينكم ، وكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام كحمةٍ مستنفرة ، فرت من قسورة ، لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض ، باعوا الآخرة بالدنيا ، واشتروا الضلالة بالهدى ، وباعوا البصيرة بالعمى ، و " عما قليل ليصبحن نادمين " حين تحل بهم الندامة ، فيطلبون الإقالة ، إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ، ومن يسكن الجنة نزل النار ، أيها الناس ، إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها ، واستبطئوا مدة الآخرة فسعوا لها ؛ والله أيها الناس ، لولا أن تبطل الحقوق ، وتعطل الحدود ، ويظهر الظالمون ، وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه ، فإلى أين تريدون - رحمكم الله - ؟ عن ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وزوج ابنته ، وأبي ابنيه ، خلق من طينته ، وتفرع عن نبعته ، وخصه بسره ، وجعله باب مدينته ، وأعلم بحبه المسلمين ، وأبان ببغضه المنافقين ؛ فلم يزل كذلك يؤيده الله بمعونته ، ويمضي على سنن استقامته ، لا يعرج لواحة اللذات ؛ وهو مفلق الهام ، ومكسر الأصنام ؛ إذ صلى والناس مشركون ، وأطاع والناس مرتابون ؛ فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر ، وأفنى أهل أحد ، وفرّق جمع هوازن ، فيالها وقائع زرعت في قلوب قومٍ نفاقاً ، وردةً وشقاقاً ؟ ؟ ؟ ؟ وقد اجتهدت في القول ، وبالغت في النصيحة ، وبالله التوفيق ؛ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الصفحة 188