كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
ذكر شئ مما قيل في آلات الكتابة
قال إبراهيم بن محمد الشيباني فيما يحتاج إليه الكاتب : من ذلك أن يصلح الكاتب آلته التي لا بد منها ، وأداته التي لا تتم صناعته إلا بها ، وهي دواته ، فلينعم ربها وإصلاحها ، ثم يتخير من أنابيب القصب أقله عقداً وأكثفه لحماً ، وأصلبه قشرا ، وأعدله استواءاً ، ويجعل لقرطاسه سكيناً حاداً لتكون عوناً له على بري أقلامه ، ويبريها من جهة نبات القصبة ، فإن محل القلم من الكاتب كمحل الرمح من الفارس . وقد خص الفضلاء القلم بأوصاف كثيرة ، ومزايا خطيرة فلنذكر منها طرفا .
ذكر شئ مما قيل في القلم
قال الله تعالى : " ن والقلم وما يسطرون " وقال : " اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم " وقال الحكماء : القلم أحد اللسانين ، وهو المخاطب للعيون بسر القلوب .
وقالوا : عقول الرجال تحت أسنة أقلامها . بنوء الأقلام يصوب غيث الحكمة .
القلم صائغ الكلام يفرغ ما يجمعه القلب ، ويصوغ ما يسكبه اللب .
وقال جعفر بن يحيى : لم أر باكياً أحسن تبسما من القلم .
وقال المأمون : لله در القلم يحوك وشئ المملكة .
وقال ثمامة بن أشرس : ما أثرته الأقلام ، لم تطمع في درسه الأيام . بالأقلام تدبر الأقاليم ، كتاب المرء عنوان عقله ، ولسان فضله ، عقل الكاتب في قلمه . وقال ابن المعتز : القلم مجهز لجيوش الكلام ، يخدم الإرادة كأنه يقبل بساط سلطان أو يفتح نوار بستان .

الصفحة 19