كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 190 """"""
ومن استرخى لببه ساء أدبه ، إن الحزم والعزم سلباني سوطي ، وأبدلاني به سيفي ، فقائمه في يدي ، ونجاده في عنقي ، وذبابه قلادةٌ لمن عصاني ، والله لا آمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه .
قال مالك بن دينار : ربما سمعت الحجاج يذكر ما صنع فيه أهل العراق وما صنع بهم ، فيقع في نفسي أنهم يظلمونه لبيانه وحسن تخليصه لحجج . وخطب الحجاج بعد وقعة دير الجماجم فقال : يا أهل العراق ، إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف والأعضاء والشغاف ، ثم أفضى إلى المخاخ والأصماخ ، ثم ارتفع فعشعش ، ثم باض ففرخ ، فحشاكم نفاقاً وشقاقاً ، وأشعركم خلافاً ، واتخذتموه دليلاً تتبعونه ، وقائداً تطيعونه ، ومؤامراً تستشيرونه ؛ فيكف تنفعكم تجربة ، أو تعظم وقعة ؛ أو يحجزكم إسلام ، أو ينفعكم بيان ؟ ألستم أصحابي بالأهواز ؟ حيث رمتم المكر ، وسعيتم بالغدر ، واستجمعتم للكفر ، وظننتم أن الله خذل دينه وخلافته ، وأنا أرميكم بطرفي ، تتسللون لواذاً ، وتنهزمون سراعاً ، ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية ؟ كان فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم ، ونكوص وليكم عنكم إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها النوازع إلى أعطانها ؛ لا يسأل المرء عن أخيه ، ولا يلوي الشيخ على بينه ؛ حتى عظكم السلاح ، وقصمتكم الرماح ، ثم دير الجماجم ، وما دير الجماجم بها كانت المعارك والملاحم ؛ بضربٍ يزيل الهام عن مقيله ، ويصرف الخليل عن خليله ؛ يا أهل العراق ، والكفرات بعد الفجرات ، والغدرات بعد الخترات ، والثورة بعد

الصفحة 190