كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 191 """"""
الثورات ؛ إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم وجبنتم ، وإن أمنتم أرجفتم ، وإن خفتم نافقتم ؛ لا تذكرون حسنةً ، ولا تشكرون نعمة ؛ يا أهل العراق هل استخفكم ناكثٌ ، أو استغواكم غاوٍ ، أو استفزكم عاصٍ ، أو استنصركم ظالمٌ ، أو استعضدكم خالعٌ ، إلا اتبعتموه وآويتموه ونصرتموه وزكيتموه ؟ يا أهل العراق ، قلما شغب شاغب ، أو نعب ناعب ، أو زفر كاذب إلا كنتم أتباعه وأنصاره ؛ يا أهل العراق ، ألم تنهكم المواعظ ، ولم تزجركم الوقائع . ثم التفت إلى أهل الشام فقال : يا أهل الشام ، أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ، ينفي عنها المدر ، ويباعد عنها الحجر ، ويكنها من المطر ؛ ويحميها من الضباب ، ويحرسها من الذئاب ؛ يا أهل الشام ، أنتم الجنة والرداء ، وأنتم العدة والحذاء .
ومن مكاتباته إلى المهلب بن أبي صفرة وأجوبة المهلب له
كتب الحجاج إليه وهو في وجه الخوارج : أما بعد ، فإنه بلغني أنك قد أقبلت على جيابة الخراج ، وتركت قتال العدو ، وإني وليتك وأنا أرى مكان عبد الله ابن حكيم المجاشعي ، وعباد بن حصين الحبطي ، واخترتك وأنت رجل من الأزد ، وأنا أقسم إن لم تلقهم في يوم كذا أشرعت إليك صدر الرمح . فأجابه المهلب : ورد علي كتابك تزعم أني أقبلت على جباية الخراج ، وتركت قتال العدو لعجز ؛ وزعمت أنك وليتني وأنت ترى مكان عبد الله بن حكيم وعباد بن حصين ، ولو وليتهما لكانا مستحقين لذلك في فضلهما وغنائهما ؛ وأنك اخترتني وأنا رجل من الأزد ، لعمري إن شرا من الأزد لقبيلةٌ تنازعها ثلاث قبائل لم تستقر في واحدة منهن ؛ وزعمت أني إن لم ألقهم في يوم كذا أشرعت إلي صدر الرمح ، فلو فعلت لقلبت إليك ظهر المجن .
ووجه إليه الحجاج يستبطئه في مناجزة القوم ، وكتب إليه : أما بعد ، فإنك جبيت الخراج بالعلل ، وتحصنت بالخنادق ، وطاولت القوم وأنت أعز ناصراً وأكثر عدداً ، وما أظن بك مع هذا معصيةً ولا جبناً ، ولكنك اتخذتهم أكلاً ، ولإبقائهم أيسر عليك من قتالهم ، فناجزهم وإلا أنكرتني ، والسلام .

الصفحة 191