كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 197 """"""
منعه ؛ أصابه حراماً ، وورثه عدواً ؛ واحتمل إصره ، وباء بوزره ، وورد على ربه آسفاً لاهفاً " خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين " .
وقام خالد بن عبد الله القسري على المنبر خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قال : يا أيها الناس ، نافسوا في المكارم ، وسارعوا إلى المغانم ، واشتروا الحمد بالجود ، ولا تكسبوا بالمطل ذماً ، ولا تعتدوا بالمعروف ما لم تعجلوه ، ومهما يكن لأحدكم عند أحد نعمةٌ فلم يبلغ شكرها فالله أحسن لها جزاءً ، وأجزل عليها عطاء ؛ واعلموا أن حوائج الناس إليكم نعمةٌ من الله عليكم ؛ فلا تملوا النعم فتحول نقماً ؛ واعلموا أن أفضل المال ما أكسب أجراً ، وأورث ذكراً ؛ ولو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ، ولو رأيتم البخل رجلاً رأيتموه مشوهاً قبيحاً ، تنفر عنه القلوب ، وتغض عنه الأبصار ؛ أيها الناس ، إن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وأعظم الناس عفواً من عفا عن قدرة ، وأوصل الناس من وصل من قطعه ، ومن لم يطب حرثه لم يزك نبته ؛ والأصول عن مغارسها تنمو ، وبأصولها تسمو ؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم . قيل لما ولي أبو بكر بن عبد الله المدينة وطال مكثه عليها كان يبلغه عن قوم من أهلها أنهم لا ينالون من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإسعافٌ من آخرين لهم على ذلك ، فأمر أهل البيوتات ووجوه الناس في يوم جمعة أن يقربوا من المنبر ، فلما فرغ من خطبة الجمعة قال : أيها الناس ، إني قائل قولاً ، فمن وعاه وأداه فعلى الله جزاؤه ، ومن لم يعه فلا يعدو من ذمامها ، إن قصرتم عن تفصيله ، فلن تعجزوا عن تحصيله ، فأرعوه أبصاركم ، وأوعوه أسماعكم ، وأشعروه قلوبكم ؛ فالموعظة حياة ، والمؤمنون إخوة " وعلى الله قصد السبيل " " ولو شاء لهداكم أجمعين " فأتوا الهدى تهتدوا ، واجتنبوا الغي ترشدوا ، " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " والله جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، أمركم بالجماعة ورضيها لكم ، ونهاكم عن الفرقة وسخطها منكم ، " فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرةٍ من النار فأنقذكم منها " جعلنا الله وإياكم ممن تبع رضوانه ، وتجنب

الصفحة 197