كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
سخطه ، فإنما نحن به وله ؛ وإن الله بعث محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) بالدين ، واختاره على العالمين ، واختار له أصحاباً على الحق ، ووزراء دون الخلق ، اختصهم به ، وانتخبهم له ، فصدقوه ونصروه ، وعزروه ووقروه ، فلم يقدموا إلا بأمره ، ولم يحجموا إلا عن رأيه ، وكانوا أعوانه بعهده ، وخلفاءه من بعده ، فوصفهم فأحسن صفتهم ، وذكرهم فأثنى عليهم ، فقال - وقوله الحق - : " محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " إلى قوله : " مغفرةً وأجراً عظيماً " فمن غاظوه كفر وخاب ، وفجر وخسر ، وقال الله عز وجل : " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " إلى قوله : " ربنا إنك رءوفٌ رحيم " فمن خالف شريطة الله عليه لهم ، وأمره إياه فيهم ، فلا حق له في الفيء ، ولا سهم له في الإسلام في آيٍ كثيرة من القرآن ؛ فمرقت مارقةٌ من الدين ، وفارقوا المسلمين ، وجعلوهم عضين ؛ وتشعبوا أحزاباً ، أشاباتٍ وأوشاباً ؛ فخالفوا كتاب الله فيهم ، وثناءه عليهم ، وآذوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم ، فحابوا وخسروا الدنيا والآخرة " ذلك هو الخسران المبين " " أفمن كان على بينةٍ من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم " ؛ مالي أرى عيوناً خزراً ، ورقاباً صعراً ، وبطوناً بجراً ؟ شجىً لا يسيغه الماء ، وداءً لا يشرب فيه الدواء ؛ " أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين " كلا والله ، بل هو الهناء والطلاء حتى يظهر العذر ، ويبوح السر ، ويضح الغيب ، ويسوّس الجنب ؛ فإنكم لم تخلفوا عبثاً ، ولم تتركوا سدى ؛ ويحكم إني لست أتاوياً أعلم ، ولا بدوياً أفهم ؛ قد حلبتكم أشطراً ، وقلبتكم أبطناً وأظهراً ؛ فعرفت أنحاءكم وأهواءكم ، وعلمت أن قوماً أظهروا الإسلام بألسنتهم ، وأسروا الكفر في قلوبهم ، فضربوا بعض أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببعض ، وولدوا الروايات فيهم ، وضربوا الأثمال ، ووجدوا على ذلك من أهل الجهل من أبنائهم أعواناً يأذنون لهم ، ويصغون إليهم ؛ مهلاً مهلاً قبل وقوع القوارع ، وطول الروائع ، هذا لهذا ومع هذا ، فلست

الصفحة 198