كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 20 """"""
وقال الحسن بن وهب : يحتاج الكاتب إلى خلال : منها جودة بري القلم وإطالة جلفته ، وتحريف قطته ، وحسن التأني لامتطاء الأنامل ، وإرسال المدة بعد إشباع الحروف ، والتحرز عند فراغها من الكسوف ، وترك الشكل على الخطأ والإعجام على التصحيف .
وقال العتابي : سألني الأصمعي في دار الرشيد : أي الأنابيب للكتابة أصلح وعليها أصبر ؟ فقلت له : ما نشف بالهجير ماؤه ، وستره من تلويحه غشاؤه ؛ من التبرية القشور ، الدرية الظهور ، الفضية الكسور ؛ قال : فأي نوع من البري أصوب وأكتب ؟ فقلت : البرية المستوية القطة التي عن يمين سنها برية تؤمن معها المجة عند المدة والمطة ، للهواء في شقها فتيق ، وللريح في جوفها خريق ، والمداد في خرطومها رقيق . قال العتابي : فبقي الأصمعي شاخصاً إلي ضاحكاً لا يحير مسألة ولا جواباً .
وكتب علي بن الأزهر إلى صديق له يستدعي منه أقلاماً : أما بعد : فإنا على طول الممارسة لهده الكتابة التي غلبت على الاسم ، ولزمت لزوم الوسم ، فحلت محل الأنساب وجرت مجرى الألقاب ، وجدنا الأقلام الصحرية أجرى في القواعد وأمر في الجلود ، كما أن التجربة منها أسلس في القراطيس ، وألين في المعاطف وأشد لتعريف الخط فيها ، ونحن في بلد قليل القصب رديئه ، وقد أحببت في أن تتقدم في اختيار أقلام صحرية ، وتتنوق في اقتنائها قبلك ، وتطلبها من مظانها ومنابتها من شطوط الأنهار ، وأرجاء الكروم ، وأن تتيمن باختيارك منها الشديدة الصلبة النقية الجلود ، القليلة الشحوم ، الكثيرة اللحوم ، الضيقة الأجواف ، الرزينة المحمل فإنها أبقى على الكتابة ، وأبعد من الحفا ، وأن تقصد بانتقائك للرقاق القضبان المقومات المتون ، الملس المعاقد الصافية القشور ، الطويلة الأنابيب ، البعيدة ما بين الكعوب الكريمة الجواهر ، المعتدلة القوام ، المستحكمة يبساً وهي قائمة على أصولها ، لم تعجل عن إبان ينعها ، ولم تؤخر إلى الأوقات المخوفة عليها من