كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 208 """"""
أما بعد ، أيها المصاب بعقله ، المورط بجهله ؛ البين سقطه ، الفاحش غلطه ؛ العاثر في ذل اغتراره ، الأعمى عن شمس نهاره ؛ الساقط سقوط الذباب على الشراب ، المتهافت تهافت الفراش في الشهاب ؛ فإن العجب أكذب ، ومعرفة المرء نفسه أصوب ؛ وإنك راسلتني مستهدياً من صلتي ما صفرت منه أيدي أمثالك ، متصدياً من خلتي لما قرعت فيه أنوف أشكالك ؛ مرسلاً خليلتك مرتادة ، مستعملاً عشيقتك قوادة ؛ كاذباً نفسك أنك ستنزل عنها إلي ، وتخلف بعدها علي
ولست بأول ذي همةٍ . . . دعته لما ليس بالنائل ولاشك في أنها قلتك إذ لم تضن بك ، وملتك إذ لم تغر عليك ، فإنها أعذرت في السفارة لك ، وما قصرت في النيابة عنك ؛ زاعمةً أن المروءة لفظٌ أنت معناه ، والإنسانية اسمٌ أنت جسمه وهيولاه ؛ قاطعةً أنك انفردت بالجمال ، واستأثرت بالكمال ، واستعليت في مراتب الجلال ، واستوليت على محاسن الخلال ؛ حتى خيلت أن يوسف عليه السلام حاسنك فغضضت منه ، وأن امرأة العزيز رأتك فسلت عنه ؛ وأن قارون أصاب بعض ما كنزت ، والنطف عثر على فضل ما ركزت ؛ وكسرى حمل غاشيتك ، وقيصر رعى ماشيتك ؛ والإسكندر قتل دارا في طاعتك ، وأردشير جاهد ملوك الطوائف لخروجهم عن جماعتك ؛ والضحاك استدعى

الصفحة 208