كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 21 """"""
خصر الشتاء وعفن الأنداء ؛ فإذا استجمعت عندك أمرت بقطعها ذراعاً قطعاً رقيقاً ، ثم عبأت منها حزماً فيما يصونها من الأوعية ، " ووجهتها مع من يؤدي الأمانة في حراستها وحفظها وإيصالها " وتكتب معها بعدتها وأصنافها بغير تأخير ولا توان ، إن شاء الله تعالى .
وأهدى ابن الحرون إلى بعض إخوانه أقلاماً وكتب إليه : إنه لما كانت الكتابة - أبقاك الله - أعظم الأمور ، وقوام الخلافة ، وعمود المملكة اتحفتك من آلتها بما يخف جمله ، وتثقل قيمته ، ويعظم نفعه ، ويحل خطره ، وهي أقلام من القصب النابت في الصحراء الذي نشف بحر الهجير " في قشره " ماؤه ، وستره من تلويحه غشاؤه ، فهي كاللآلئ المكنونة في الصدف ، والأنوار المحجوبة في السدف ؛ تبرية القشور ، درية الظهور ، فضية الكسور ؛ قد كستها الطبيعة جوهراً كالوشي المحبر ، ورونقاً كالديباج المنير .
ومن كتاب لأبي الخطاب الصابي - يصف فيه أقلاما أهداها في جملة أصناف - جاء منه : وأضفت إليها سليمة من المعايب ، مبرأة من المثالب ؛ جمة المحاسن بعيدة عن المطاعن ؛ لم يربها طول ولا قصر ، ولم ينقصها ضعف ولا خور ؛ ولم يشنها لي ولا رخاوة ، ولم يعبها - كزازة ولا قساوة ؛ فهذه آخذة بالفضائل من جميع جهاتها مستوفية للممادح بسائر صفاتها صلبة المعاجم لينة المقاطع موفية القدور والألوان ، محمودة المخبر والعيان ؛ قد استوى في الملامسة خارجها وداخلها ، وتناسب في السلاسة عاليها سافلها ، نبتت بين الشمس والظل واختلفت عليها الحرّ والقر ؛ فلفحها وقدان الهواجر ، وسفعتها " سمائم " شهر ناجر ، ووقذها الشفان بصرده ، وقذفها الغمام ببرده ، وصابتها الأنواء بصيبها ، واستهلت عليها السحائب