كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 215 """"""
حتى إن باقلاً موصوفٌ بالبلاغة إذا قرن بك ، وهبنقة مستحقٌ لاسم العقل إذا نسب منك ، وأبا غبشان محمودٌ منه سداد الفعل إذا أضيف إليك ، وطويساً مأثورٌ عنه يمن الطائر إذا قيس عليك ؛ فوجودك عدم ، والاغتباط بك ندم ؛ والخيبة منك ظفر ، والجنة معك سقر ؛ كيف رأيت لؤمك لكرمي كفاء ، وضعتك لشرفي وفاء ؟ وأني جهلت أن الأشياء إنما تنجذب إلى أشكالها ، والطير إنما تقع على ألافها ؟ وهلا علمت أن الشرق والغرب لا يجتمعان ، وشعرت أن ناديي المؤمن والكافر لا يتراءيان ، وقلت : الخبيث والطيب لا يستويان ، وتمثلت :
أيها المنكح الثريا سهيلاً . . . عمرك الله كيف يلتقيان
وذكرت أني علق لا يباع ممن زاد ، وطائرٌ لا يصيده من أراد ، وغرضٌ لا يصيبه إلا من أجاد ؛ ما أحبسك إلا كنت قد تهيأت للتهنئة ، وترشحت للترفئة ؛ أولى لك ، لولا أن جرح العجماء جبار ، للقيت ما لقي من الكواعب يسار ؛ فما همّ إلا بدون ما هممت به ، ولا تعرض إلا الأيسر ما تعرضت له ؛ أين أدعاؤك رواية الأشعار ، وتعاطيك حفظ السير والأخبار ؟
بنو دارمٍ أكفاؤهم آل مسمع . . . وتنكح في أكفائها الحبطات
الصفحة 215
236