كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 218 """"""
النعامة ؛ ما شككت فيك ، ولا تكلمت بملء فيك ؛ ولا سترت أباك ، ولا كنت إلا ذاك ؛ وهبك ساميتهم في ذروة المجد والحسب ، وجاريتهم في غاية الظرف والأدب ؛ ألست تأوي إلى بيتٍ قعيدته لكاع ؟ إذ كلهم عزبٌ خالي الذراع ؛ وأين من أنفرد به ، ممن لا أغلب إلا على الأقل الأخس منه ؟ وكم بين من يعتمدني بالقوة الظاهرة ، والشهوة الوافرة ؛ والنفس المصروفة إلي ، واللذة الموقوفة عليّ ؛ وبين آخر قد نزحت بيره ، ونضب غديره ؛ وذهب نشاطه ، ولم يبق إلا ضراطه ؛ وهل كان يجمع لي فيك إلا الحشف وسوء الكيلة . ويقترن علي بك إلا الغدة والموت في بيت سلولية ؟
تعالى الله يا سلم بن عمرو . . . أذل الحرص أعناق الرجال
" وهذا الشعر لأبي العتاهية يخاطب به سلم بن عمرو ، ويلومه على حرصه ، ويتلوه " :
هب الدنيا تصير إليك عفواً . . . أليس مصير ذاك إلى زوال
ما كان أحقك بأت تقدر بذراعك ، وتربع على ظلعك ؛ ولا تكون براقش الدالة على أهلها ، وعنز السوء المستثيرة لحتفها ؛ فما أراك إلا قد سقط العشاء بك على السرحان ، وبك لا بظبي أعفر ، قد أعذرت إن أغنيت شيّاً ، وأسمعت لو ناديت حياً ؛ وقرعت عصا العتاب ، وحذرت سوء العقاب . " إن العصا قرعت لذي الحلم " " والشيء تحقره وقد ينمي " . فإن بادرت بالندامة ، ورجعت على نفسك بالملامة ؛ كنت قد اشتريت العافية لك بالعافية منك ؛ وإن قلت " جعجعة ولا طحنا " و " ربّ صلفٍ تحت الراعدة " وأنشدت :
لا يؤيسك من مخبأةٍ . . . قولٌ تغلظه وإن جرحا

الصفحة 218