كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 219 """"""
فعدت لما نهيت عنه ، وراجعت ما استعفيت منه ؛ بعثت من يزعجك إلى الخضراء دفعاً ، ويستحثك نحوها وكزاً وصفعاً ؛ فإذا صرت بها عبث أكاورها بك ، وتسلط نواطيرها عليك ؛ فمن قرعةٍ معوجةٍ تقوم في قفاك ، وفجلةٍ منتنةٍ يرمي بها تحت خصاك ؛ لكي تذوق وبال أمرك ، وترى ميزان قدرك .
فمن جهلت نفسه قدره . . . رأى غيره منه ما لا يرى
وقال أيضاً في رقعةٍ خاطب بها ابن جهور - وهي من رسائله المشهورة - أولها : يا مولاي وسيدي الذي ودادي له ، واعتدادي به ، واعتمادي عليه - أبقاك الله ماضي حدّ العزم ، واري زند الأمل ، ثابت عهد النعمة - إن سلبتني أعزك الله لباس إنعامك ، وعطلتني من حلي إيناسك ، وغضضت عني طرف حمايتك ؛ بعد أن نظر الأعمى إلى تأميلي لك ، وسمع الأصم ثنائي عليك ، وأحس الجماد بإسنادي إليك ؛ فلا غرو قد يغص بالماء شاربه ، ويقتل الدواء المستشفى به ، ويؤتي الحذر من مأمنه ، وتكون منية المتنمي في أمنيته " والحين قد يسبق جهد الحريص " وإني لأتجلد ، وأري الشامتين إني لا أتضعضع ، وأقول : هل أنا إلا يدٌ أدماها سوارها ، وجبينٌ عضه إكليله ، ومشرفي ألصقه بالأرض صاقله ، وسمهري عرضه على النار مثقفه ، وعبدٌ ذهب سيده مذهب الذي يقول :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً . . . فليقس أحياناً على من يرحم
والعتب محمودٌ عواقبه ، والنبوة غمرةٌ ثم تنجلي ، والنكبة " سحابة صيف عن قريب تقشع " وسيدي إن أبطأ معذور .
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً . . . فأفعاله اللاتي سررن ألوف

الصفحة 219