كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 22 """"""
بشآبيبها ؛ فاستمرت مرائرها على إحكام واستحصد سحلها بالإبرام ؛ جاءت شتى الشيات متغايرة الهيئات ، متباينة المحال والبلدان ؛ تختلف بتباعد ديارها وتأتلف بكرم نجارها ؛ فمن أنابيب باتت رماح الخط في أجناسها ، وشاكلت الذهب في ألوانها ، وضاهت الحرير في لمعانها ، بطيئة الحفا ، نمرة القوى ، لا يشظيها القط ، ولا يشعث بها الخط ؛ ومن مصرية بيض ، كأنها " قباطي مصر نقاء وغرقئ البيض صفاء ، غذها الصعيد من ثراه بليه " وسقاها النيل من نميرة وعذبه ؛ فجاءت ملتئمة الأجزاء ، سليمة من الالتواء تستقيم شقوقها في أطوالها ، ولا تنكب عن يمينها ولا شمالها ، تقترن بها صفراء كأنها معها عقيان قرن بلجين ، أو ورق خلط بعين ، تختال في صفر ملاحفها ، وتميس في مذهب مطارفها ، بلون غياب الشمس ، وصبغ ثياب الورس ، ومن منقوشة تروق العين ، وتونق النفس ويهدي حسنها الأريحية إلى القلوب ، ويحل الطرب لها حبوة الحكيم اللبيب ، كأنها اختلاف الزهر اللامع ، وأصناف الثمر اليانع " ومن بحرية موشية الليط " رائقة التخليط ؛ كأن داخلها قطرة دم ، أو حاشية رداء معلم وكأن خارجها أرقم ، أو متن واد مفعم ، نثرت ألواناً تزري بورد الخدود وأبدت قامات تفصح بأود القدود .
وقد أكثر الشعراء القول في وصف القلم ، فمن ذلك قول أبي تمام الطائي :
لك القلم الأعلى الذي بشباته . . . تصاب من الأمر الكلي والمفاصل