كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 226 """"""
الصعب فيصحب ، ويستدر الصخور فتحلب ؛ ولما جاءني كتاب ابتداه ، وقرع سمعي نداه ؛ فرغت إلى الفكر ، وخفق القلب بين الأمن والحذر ؛ فطاردت من الفقر أوابد فقر ، وشوارد عفر ، تغبر في وجه سائقها ، ولا يتوجه اللحاق إلى وجيهها ولا حقها ؛ فعلمت أنها الإهابة والمهابة ، والإجابة والاسترابة ؛ حتى أيأستني الخواطر ، وأخلفتني المواطر ، إلا زبرجاً يعقب جواداً ، وبهرجاً لا يحتمل انتقاداً ؛ وأني لمثلي والقريحة مرجاة والبضاعة مزجاة ؛ ببراعة الخطاب ، ويراعة الكتاب ، ولولا دروس معالم البيان ، واستيلاء العفاء على هذا اللسان ؛ ما فاز لمثلي فيه قدح ، ولا تحصل لي في سوقه ربح ؛ ولكنه جوّ خال ، ومضمار جهّال ؛ وأنا أعزك الله أربأ بقدر الذخيرة ، عن هذه النتف الأخيرة ؛ وأرى أنها قد بلت مداها ، واستوفت حلاها ؛ وإنما أخشى القدح في اختيارك ، والإخلال بمختارك ؛ وعذراً إليك - أيدك الله - فإني خططت والنوم مغازل ، والقر نازل ؛ والريح تلعب بالسراج ، وتصول عليه صولة الحجاج .
ثم أخذ في وصف السراج كما ذكرناه في الباب الرابع من القسم الثاني من الفن الأول في السفر الأول من هذا الكتاب . ومن كلام الوزير الفقيه أبي القاسم محمد بن عبد الله بن الجد ، من رسالة خاطب بها ذا الوزارتين أبا بكر المعروف بابن القصيرة - وقد قربت بينهما المسافة ولم يتفق اجتماعهما - : لم أزل - أعزك الله - استنزل قربك براحة الوهم ، عن ساحة النجم ؛ وأنصب لك شرك المنى ، في خلس الكرى ، وأعلل فيه نفس الأمل ، بضرب سابق المثل :
ما أقدر الله أن يدني على شحيطٍ . . . من داره الحزن ممن داره صول

الصفحة 226