كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 227 """"""
فما ظنك به وقد نزل على مسافة يوم وطالما نفر عن حبالة نوم ، ودنا حتى هم بالسلام ، وقد كان من خدع الأحلام ، وناهيك من ظمئتي وقد حمت حول المورد الخصر ، وذممت الرشاء بالقصر ، ووقف بي ناهض القدر ، وقفة العير بين الورد والصدر ؛ فهلا وصل ذلك الأمل بباع ، وسمح الزمن باجتماع ؛ وطويت بيننا رقعة الأميال ، كما زويت مراحل أيامٍ وليال ؛ وما كان على الأيام لو غفلت قليلاً ، حتى أشفى بلقائك غليلاً ، وأتنسم من روح مشاهدتك نفساً بليلاً ؛ ولئن أقعدتني بعوائقها عن لقاء حر ، وقضاء بر ؛ وسفرٍ قريب ، وظفر ريب ؛ فما تحيفت ودادي ، ولا ارتشفت مدادي ؛ ولا غاضت كلامي ، ولا أحفت أقلامي ؛ وحسبي بلسان النبل رسولاً ، وكفى بوصوله أملاً ورسولاً ؛ ففي الكتاب بلغة الوطر ، ويستدل على العين بالأثر ؛ على أني نما وحيت وحي المشير باليسير ، وأحلت فهمك على المسطور في الضمير ؛ وإن فرغت للمراجعة ولو بحرف ، أو لمحة طرف ؛ وصلت صديقاً ، وبللت ريقاً ؛ وأسديت يداً ، وشفيت صدى ؛ لازالت أياديك بيضاً ، وجاهك عريضاً ؛ ولياليك أسحاراً ، ومساعيك أنواراً .
؟ أبو عبد الله محمد بن الخياط
من رقعةٍ طويلةٍ إلى الحاجب المظفر أولها : حجب الله عن الحاجب المظفر أعين النائبات ، وقبض دونه أيدي الحادثات .
وجاء منها : ورد كتابٌ كريمٌ جعلته عوض يده البيضاء فقبلته ، ولمحته بدل غرته الغراء فأجللته ؛ كتاب ألقى عليه الحبر حبره ، وأهدى إليه السحر فقره ؛ أنذر ببلوغ المنى ، وبشر بحصول الغنى ؛ تخير له البيان فطبق مفصله ، ورماه البنان فصادف مقتله ؛ ووصل معه المملوك والمملوكة اللذان سماهما هدّية ، وتنزه كرماً أن يقول عطية ؛ همة ترجم السماكين ، ونعمةٌ تملأ الأذن والعين ؛ وما حرك - أيده الله - بكتابه ساكناً بحمده ، ولا نبه نائماً عن قصده ؛ كيف وقد طلعت الشمس التي صار بها المغرب شرقاً ، وهبت الريح التي صار بها الحرمان رزقاً ؛ صاحب لواء الحمد ، وفارس ميدان المجد .
وهي رقعةٌ طويلة قد ذكرنا منها في المديح فصلاً لا فائدة في إعادته .

الصفحة 227