كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
وفي فصل منه : ففوق لمناضلة الدولة نباله ، وأعمل في مكايدها جهده واحتياله ؛ ثم بم يقتصر على ذلك بل تجاوزه إلى إطلاق بسانه بالذم الذي صدر عن لؤم نجاره ، والطعن الشاهد بخبث طويته وإضماره ؛ ومن فسد هذا الفساد كيف يرجى استصلاحه ، ومن استبطن مثل غله كيف يؤمل فلاحه ؛ ومن لك بسلامة الأديم النغل ، وصفاء القلب الدغل ؛ وعلى ذلك فلا أعتقد عليك فيما عرضت به من وجه الشفاعة غير الجميل ، ولا أتعدى فيه حسن التأويل ؛ ولو وفدت شفاعتك في غير هذا الأمر الذي سبق فيه السيف العذل ، وأبطل عاقل الأقدار فيه الإلطاف والحيل ؛ لتلقيت بالإجلال ، وقوبلت ببالغ المبرة والاهتبال .
؟ ذو الوزارتين
أبي المغيرة بن حزم من رسالة . لم أزل أزجر للقاء سيدي السانح ، وأستمطر الغادي والرائح ؛ وأروم اقتناصه ولو بشرك المنام ، وأحاول اختلاسه ولو بأيدي الأوهام ؛ وأعاتب الأيام فيه فلا تعتب ، وأقودها إليه فلا تصحب ؛ حتى إذا لب اليأس ، وشمت الناس ؛ وضربت بي الأمثال ، فقيل : أكثر الآمال ضلال ؛ تنبه الدهر من رقدته ، وحلّ من عقدته ؛ وقبل مني ، وأظهر الرضى عني ؛ وقال : دونك ما طمح فقد سمح ، إليك فقد دنا ما قد جمح ؛ فطرت بجناح الارتياح ، وركبت إلى الغمام كواهل الرياح ؛ وقلت : فرصةٌ تغتنم ، وركنٌ يستلم ؛ وطرقت روضة العلم عميمة الأزهار ، فصيحة الأطيار ؛ ريا الجداول ، باردة الضحى والأصائل ؛ وطفت بكعبة الفضل مصونة الحبر ، ملثومة الحجر ؛ عزيزة المقام ، معمورة المشعر الحرام ؛ فما شئنا من محاضرة ، تجمع بين الدنيا والآخرة ؛ بين يدي نثرٍ يدني الإعجاز ، ونظمٍ ما أشبه الصدور بالأعجاز ؛ وحديثٍ تثقف العقول بآرائه ، وتروى بصافي مائه ؛ فحين شمخ بالظفر أنفي ، واهتز لنيل الأمل عطفي - والدهر يضحك سراً ، ويتأبط شراً ؛ وقد أذهلني الجذل عن سوء ظني به ، وأوهمني نزوعه عن ذميم مذهبه - أتت ألوانه ، وفسا ظربائه ؛ ونادى : ليقم من قعد ، وينتبه من رقد ؛ إنما فترت تلك الفترة ، ليكون ما رأيت عليك حسرة ؛ وسمحت لك مرة ، لتذوق من الأسف عليها كأسامرة ، فرأيت وقد غطى على

الصفحة 230