كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 34 """"""
الأول أن يكون منقولا عن معنى وضع اللفظ بإزائه ، وبهذا يتميز عن اللفظ المشترك .
الثاني أن يكون هذا النقل لمناسبة بينهما ، فلا توصف الأعلام المنقولة بأنها مجاز إذ ليس نقلها لتعلق نسبة " بين " المنقول عنه ومن له العلم وإذا تحقق الشرطان سمي مجاز ، وذلك مثل تسمية النعمة والقوة باليد ، لما بين اليد وبينهما من التعلق وكما قالوا : رعينا الغيث يريدون النبت الذي الغيث سببه ، وصابتنا السماء ، يريدون المطر ، وأشباه ذلك ونظائره .
وأما التشبيه - فهو الدلالة على اشتراك شيئين في وصف هو من أوصاف الشيء في نفسه ، كالشجاعة في الأسد ، والنور في الشمس . وهو ركن من أركان البلاغة لإخراجه الخفي وإدنائه البعيد من القريب . وحكم إضافي لا يوجد إلا في الشيئين بخلاف الاستعارة . ثم التشبيه على أربعة أقسام : تشبيه محسوس " بمجسوس " وتشبيه معقول " بمعقول " وتشبيه معقول بمحسوس ، وتشبيه محسوس بمعقول .
فأما تشبيه محسوس بمحسوس فلاشتراكهما إما في المحسوسات الأولى : وهي مدركات السمع والبصر والذوق والشم واللمس ، كتشبيه الخد بالورد والوجه بالنهار ، " وأطيط الرحل بأصوات الفراريح " والفواكه الحلوة بالسكر والعسل ورائحة بعض الرياحين بالمسك والكافور ، واللين الناعم بالحرير ، والخشن بالمسح ، أو في المحسوسات الثانية : وهي الأشكال المستقيمة والمستديرة ، والمقادير والحركات كتشبيه المستوى المنتصب بالرمح ، والقد اللطيف بالغصن والشيء المستدير بالكرة والحلقة ، والعظيم الجثة بالجبل ، والذاهب على الاستقامة بنفوذ السهم ، أو في الكيفيات الجمسانية ، كالصلابة والرخاوة ، أو في الكيفيات النفسانية ، كالغرائز والأخلاق .
أو في حالة إضافية ، كقولك : هذه حجة كالشمس ، وألفاظ كالماء في السلالة وكالنسيم في الرقة ، وكالعسل في الحلاوة . وربما كان التشبيه بوجه عقلي ،