كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
بعضها عن بعض ، فإنك لو حذفت منها جملة واحدة من أي موضع كان أخل ذلك بالمغزى من التشبيه قال : ثم ما به المشابهة إن كان مركباً فإنه على قسمين : الأول ما لا يمكن إفراد أحد أجزائه بالذكر ، كقول القاضي التنوخي :
كأنما المريخ والمشتري . . . قدامه في شامخ الرفعه
منصرف بالليل من دعوة . . . قد أسرجت قدامه شمعه
فإنك لو اقتصرت على قوله : كأن المريخ منصرف من دعوة أو كأن المشتري شمعة لم يحصل ما قصده الشاعر ، فإنه إنما قصد الهيئة التي يلبسها المريخ من كون المشتري أمامه .
الثاني ما يمكن إفراده بالذكر ويكون إذا أزيل منه التركيب صحيح التشبيه في طرفيه إلا أن المعنى يتغير ، كقول أبي طالب الرقي :
وكأن أجرام النجوم لوامعاً . . . درر نثرن على بساط أزرق
فلو قلت : كأن النجوم درر ، وكأن السماء بساط أزرق وجدت التشبيه مقبولاً ولكن المقصود من الهيئة المشبه بها قد زال . قال : وربما كان التشبيه في أمور كثيرة لا يتقيد بعضها ببعض ، وإنما يكون مضموماً بعضها إلى بعض وكل واحد منها منفرد بنفسه ، كقولك : زيد كالأسد بأسا ، والبحر جودا ، والسيف مضاء والبدر بهاء ، وله خاصيتان : إحداهما أنه لا يحب فيه الترتيب ، والثانية أنه إذا سقط البعض لم يتغير حكم الباقي .
ومن المتأخرين من ذكر في التشبيه سبعة أنواع : الأول التشبيه المطلق ، وهو أن يشبه شيئاً بشيء من غير عكس ولا تبديل كقوله تعالى : " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " وقوله تعالى : " وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " وقوله

الصفحة 37