كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 55 """"""
جنس من جاء بعد الحكم بوجود المجيء من إنسان وقس عليه الخبر في قوله : ضربت زيداً وزيداً ضربت ، وجاءني رجل ، ورجل جاءني ، ثم الاستفهام قد يجئ للإنكار ، فإن كان " في " فعل ماض وأدخلت الاستفهام عليه كان لإنكاره ، كقوله تعالى : " اصطفى البنات على البنين " وإن أدخلته على الاسم فإن لم يكن الفعل متردداً بينه وبين غيره كان لإنكار أنه الفاعل ، ويلزم منه نفي ذلك الفعل ، كقوله تعالى : " الله أذن لكم " أي لو كان إذن لكان من الله ، فلما لم يوجد منه دل على أن لا إذن كما تقول : متى كان هذا ، في ليل أم نهارٍ ؟ أي لو كان في ليل أو نهار ، فلما لم يوجد في واحد منهما لم يوجد أصلاً ، وعليه قوله تعالى : " الذكرين حرم أم الاثنين " وإن كان مردداً بينه وبين غيره كان إما للتقرير والتوبيخ ، وعليه قوله تعالى حكاية عن قول نمرود : " أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم " وإما لإنكار أنه الفاعل مع تحقيق الفعل ، كقولك لمن انتحل شعراً : أأنت قلت هذا ؟ وإن كان الفعل مضارعاً ، فإن أدخلت حروف الاستفهام عليه كان إما لإنكار وجوده ، كقوله تعالى : " أنلزمكموها وأنتم لها كارهون " . أو لإنكار أنه يقدر على الفعل ، كقول امرئ القيس :
أيقتلني والمشرقي مضاجعي . . . ومسنونة زرق كأنياب أغوال
أو لإزالة طمع من طمع في أمر لا يكون ، فيجهله في طمعه ، كقولك : أيرضى عنك فلان وأنت على ما يكره ؟ أو لتعنيف من يضيع الحق ، كقول الشاعر : أتترك إن قلت دراهم خالد . . . زيارته إني إذن للئيم
أو لتنديم الفاعل ، كما تقول لمن يركب الخطر : أتخرج في هذا الوقت ؟ وإن أدخلته على الاسم فهو لإنكار صدور الفعل من ذلك الفاعل إما للإستحقار كقولك : أأنت تمنعني ؟ أو للتعظيم كقولك : أهو يسأل الناس ؟ أو للمبالغة إما في