كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 56 """"""
كرمه ، كقولك : أهو يمنع سائله ؟ وإما في خساسته ، كقولك : أهو يسمح بمثل هذا ؟ وقد يكون لبيان استحالة فعل ظن ممكناً كقوله تعالى : " أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمى " وكذلك إذا أدخلته على المفعول ، كقوله تعالى : " أغير الله أتخذ ولياً " و " أغير الله تدعون " و " أبشراً منا واحداً نتبعه " الثاني في التقديم والتأخير في النفي - إذا أدخلت النفي على الفعل فقلت : ما ضربت زيداً فقد نفيت عن نفسك ضرباً واقعاً بزيد ، وهذا لا يقتضي كون زيد مضروباً .
وإذا أدخلته على الاسم فقلت : ما أنا ضربت زيداً اقتضى من باب دليل الخطاب كون زيد مضروباً وعليه قول المتنبي :
وما أنا وحدي قلت ذا الشعر كله . . . ولكن لشعري فيك من نفسه شعر
ولهذا يصح أن تقول : ما ضربت إلا زيداً وما ضربت زيداً ولا ضربه أحد من الناس ولا يصح أن تقول : ما أنا ضربت إلا زيداً ، وأما أنا ضربت زيداً ولا ضربه أحد من الناس .
أما الأول فلأن نقض النفي بإلا يقتضي أن تكون ضربته ، " وتقديمك " ضميرك وإيلاءه حرف النفي يقتضي ألا تكون ضربته " فيتدافعان .
وأما الثاني فلأن أول الكلام يقتضي أن يكون زيداً مضروباً ، وآخره يقتضي ألا يكون مضروباً فيتناقضان ، إذا عرف هذا في جانب الفاعل فإن مثله في جانب المفعول ، فإذا قلت : ما ضربت زيداً لم يقتض أن تكون ضارباً لغيره ، وإذا قلت : ما زيد ضربت اقتضى ذلك ، ولهذا صح ما ضربت زيداً ولا أحد من الناس ولا يصح " ما " زيداً ضربت ولا أحد من الناس .
وحكم الجار والمجرور حكم المفعول ، فإذا قلت : ما أمرتك بهذا لم يقتض أن تكون قد أمرته بشيء غير هذا ، وإذا قلت : ما بهذا أمرتك اقتضاه .

الصفحة 56