كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
ولله متعلق به والجن مفعوله الأول فقد جعل الإنكار على جعل الشريك لله على الإطلاق من غير اختصاص بشيء دون بشيء لأن الصفة إذا ذكرت مجردة عن مجراها على شئ كان الذي تعلق بها من المنفي عاماً في كل ما يجوز أن تكون له تلك الصفة ، فإذا قلت ما في الدار كريم ، كنت نفيت الكينونة في الدار عن كل شئ يكون الكرم صفةً له ، وحكم الإنكار أبداً حكم النفي ، فأما إذا أخرت شركاء فقلت : " وجعلوا الجن شركاء لله فيكون جعل الشركاء مخصوصاً غير مطلق فيحتمل أن يكون المقصود بالإنكار جعل الجن شركاء " لا جعل غيرهم : تعالى الله عن ذلك علوا كبير فقدم شركاء نفياً لهذا الاحتمال .
فصل في مواضع التقديم والتأخير
قال : أما التقديم فيحسن في مواضع : الأول : أن تكون الحاجة إلى ذكره أشد ، كقولك : قطع اللص الأمير .
الثاني : أن يكون ذلك أليق بما قبله من الكلام أو بما بعده ، كقوله تعالى : " وتغشى وجوههم النار " فإنه أشكل بما بعده وهو قوله : " إن الله سريع الحساب " وبما قبله وهو : " مقرنين في الأصفاد " الثالث : أن يكون من الحروف التي لها صدر الكلام ، كحروف الاستفهام والنفي ، فإن الاستفهام طلب فهم الشيء ، وهو حالة إضافية فلا تستقل بالمفهومية فيشتد اتصاله بما بعده .
الرابع : تقديم الكلي على جزيئاته ، فإن الشيء كلما كان أكثر عموماً كان أعرف فإن الوجود لما كان أعم الأمور كأن أعرفها عند العقل .
الخامس : تقديم الدليل على المدلول وأما التأخير فيحسن في مواضع : الأول : تمام الاسم كالصلة والمضاف إليه .

الصفحة 59