كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 61 """"""
أشركت بينهما في الإعراب " والمعنى " لاشتراكهما في كون كل واحد منهما يفيد للموصوف ، ولا يتصور أن يكون اشتراك بين شيئين حتى يكون هناك معنى يقع ذلك الاشتراك فيه ، وحتى يكونا كالنظيرين والشريكين ، وبحيث إذا عرف السامع حاله الأول عساه يعرف حاله الثاني ، يدلك على ذلك أنك ذا عطفت على الأول شيئاً ليس منه بسبب ولا هو مما يذكر بذكره لم يستقم ، فلو قلت : خرجت اليوم من داري ، وأحسن الذي " يقول " بيت كذا قلت ما يضحك منه ، ومن ها هنا عابوا على أبي تمام قوله :
لا والذي هو عالم أن النوى . . . صبروا وأن الحسين كريم
وإن لم تكن في قوة المفرد فهي على قسمين : الأول أن يكون معنى إحدى الجملتين لذاته متعلقاً بمعنى الأخرى كما إذا كانت كالتوكيد لها أو كالصفة ، فلا يجوز إدخال العاطف عليه ، لأن التوكيد والصفة متعلقان بالمؤكد والموصوف لذاتهما ، والتعلق الذاتي يغني عن لفظ يدل على التعلق فمثال التوكيد قوله تعالى : " آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه " فلا ريب فيه توكيد لقوله تعالى : " ذلك الكتاب " كأنه قال : هو ذلك الكتاب ، وكذلك قوله تعالى : " إن الذين كفروا سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " وقوله تعالى : " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم " تأكيد ثان أبلغ من الأول ، وكذلك قوله تعالى : " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله " ولم يقل : ويخادعون لأن المخادعة ليست شيئاً غير قولهم : آمنا مع أنهم غير مؤمنين ، وكذلك قوله تعالى : " وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً : ولم يقل تعالى : وكأن ، وأمثال " ذلك " في القرآن العزيز كثيرة .
القسم الثاني ألا يكون بين الجملتين تعلق ذاتي ، فإن لم يكن بينهما مناسبة فيجب ترك العاطف أيضاً لأن العطف للتشريك ولا تشريك ، ومن ها هنا أيضاً عابوا