كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 62 """"""
على أبي تمام البيت المتقدم لا والذي هو عالم . . . . إذ لا مناسبة بين مرارة النوى وبين كرم أبي الحسين ، ولذلك لم يحسن جواز العاطف .
وإن كان بينهما مناسبة فيجب ذكر العاطف .
ثم إن كان المحدث عنه في الجملتين شيئين فالمناسبة بينهما إما أن تكون بالذي أخبر بهما ، أو بالذي أخبر عنها ، أو بهما كليهما ، وهذا الأخير هو المعتبر في العطف .
قال : ونعني بالمناسبة أن يكونا متشابهين كقولك : زيد كاتب وعمرو " شاعر " " أو متضادين تضادا على الخصوص ، كقولك زيد طويل وعمرو " قصير وكقولك العلم حسن والجهل قبيح ، فلو قلت : زيد طويل والخليفة قصير لا اختل معنى عند ما لا لزيد تعلق بحديث الخليفة ولو قلت : زيد طويل وعمرو شاعر لا اختل لفظاً إذ مناسبة بين الطويل القامة والشاعر .
وإن كان المحدث عنه في الجملتين شيئاً واحداً ، كقولك : فلان يقول ويفعل ويضر وينفع ، ويأمر وينهى ، ويسيء ويحسن ، فيجب إدخال العاطف رجوع عن الأول وإذا أفاد العاطف الاجتماع ازداد الاشتراك كقولك : العجب من أنك أحسنت وأسأت ، والعجب من أنك تنهى عن شيء وتأتي مثله وكقوله :
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم . . . وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
فإن المعنى جعل المفعلين في حكم واحد ، أي تطيعوا أن تروا إكرامنا إياكم يوجد مع إهانتكم إيانا . قال : وقد يجب إسقاط العاطف في بعض المواضع لاختلال المعنى عند إثباته كقوله تعالى : " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا أنهم هم المفسدون " فقوله تعالى : " ألا أنهم هم المفسدون كلام مستأنف وهو إخبار من الله تعالى ، فلو أتى بالواو لكان إخباراً عن اليهود بأنهم وصفوا أنفسهم بأنهم يفسدون فيختل المعنى ، وكذلك قوله تعالى : " وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا أنهم هم السفهاء " وأمثال ذلك كثيرة ، وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى العاطف بخلاف قوله تعالى : " يخادعون الله وهو خادعهم " " ومكروا ومكر الله " فإن كل واحدة من الجملتين خبر من الله تعالى .