كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 64 """"""
إن قد مقدرة فيهما ، فإن الشيء إذا عرف موضعه جاز حذفه .
وأما المضارع فإن كان موجباً فلا يؤتى معه بالواو ، فتقول : جاءني زيد يضحك ، ويجئ عمرو يسرع ، واجلس تحدثنا بالرفع أي محدثاً لنا ، لأنه بتجرده عما يغير معناه أشبه اسم الفاعل إذا وقع حالاً .
وإن كان منفياً جاز حذف الواو مراعاة لأصل الفعل الذي هو الإيجاب وجاز إثباتها لأن الفعل ليس هو الحال ، فإن معنى قولك : جلس زيد ولم يتكلم جلس زيد غير متكلم فجرى مجرى الجملة الأسمية ، فالحذف كقولك : جاء زيد ما يفوه ببنت شفة ، قال الله تعالى : " الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب " لا يمسنا في موضع نصب على الحال من ضمير المرفوع في أحلنا ، والإثبات كقولك : جلس زيد ولم يتكلم قال الله تعالى : " أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً " قال : وشبهوا به الفعل الماضي فقالوا : جاء زيد ما ضرب عمراً ، وجاء زيد وما ضرب عمراً .
وأما الحذف والإضمار - فقد قال : الأفتال المتعدية التي ترك ذكر مفعولاتها على قسمين : الأول : ألا يكون له مفعول مبين : فقد يترك مفعوله لفظاً وتقديراً ويجعل حاله كحال غير المعتدي ، كقولهم : فلان يحل ويعقد ، ويأمر وينهى ويضر وينفع . والمقصود إثبات المعنى في نفسه للشيء من غير التعريض لحديث المفعول فكأنك قلت : بحيث يكون منه حل وعقد وأمر ونهي ونفع وضر ، وعليه قوله تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " أي هل يستوي من له علم ومن لا علم له من غير أن ينص على معلوم ، وكذلك قوله تعالى : " وأنه هو أضحك وأبكى " إلى قوله : " وأنه هو أغنى وأقنى " وبالجملة فمتى كان الغرض بيان حال الفاعل فلا تعد الفعل ، فإن تعديته تنقض الغرض ، ألا ترى أنك إذا قلت : فلان يعطي الدنانير كان المقصود بيان جنس ما يتناوله الإعطاء لا بيان حال كونه معطياً ؟ الثاني : أن يكون له مفعول معلوم إلا أنه يحذف في اللفظ لأغراض :

الصفحة 64