كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 67 """"""
فصل
الإضمار على شريطة التفسير كقولهم : أكرمني وأكرمت عبد الله أي أكرمني عبد الله وأكرمت عبد الله ، ومما يشبه ذلك مفعول المشيئة إذا جاءت بعد لو ، فإن كان مفعولها أمراً عظيماً أو غريباً فالأولى ذكره ، كقوله :
ولو شئت أن أبكي دماً لبكيته . . . عليه ولكن ساحة الصبر أوسع فإن بكاء الإنسان دماء عجيب ، وإن لم يكن كذلك فالأولى حذفه ، كقوله تعالى : " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " والتقدير لو شاء الله أن يجمعهم على الهدى لجمعهم ، وكذلك قوله تعالى : " ولو شاء لهداكم أجمعين " وقوله تعالى : " فإن يشأ الله يختم على قلبك " و " من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم " .
قال : واعلم أنه قد تترك الكناية إلى التصريح لما فيه من زيادة الفخامة كقول البحتري :
قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ . . . دد والمجد والمكارم مثلاً
المعنى قد طلبنا لك مثلاً ثم حذف لأن هذا المدح إنما ينفي المثل ، فلو قال : قد طلبنا لك مثلاً في السؤدد والمجد فلم نجده لكان قد أوقع نفي الوجود على ضمير المثل فلم يكن فيه من المبالغة ما إذا أوقعه على صريح المثل ، فإن الكناية لا تبلغ مبلغ الصريح ، ولهذا لو قلت : وبالحق أنزلناه زوبه نزل ، وقل هو الله أحد وهو الصمد لا تجد من الفخامة ما تجده في قوله تعالى : " وبالحق أنزلناه وبالحق نزل " و " قل هو الله أحد الله الصمد " وعلى ذلك قول الشاعر :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء . . . تغص الموت ذا الغنى والفقيرا
وأما مباحث إن وإنما - فإنه قال : أما إن فلها فوائد :

الصفحة 67