كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
الأولى أن تربط الجملة الثانية بالأولى وبسببها يحصل التأليف بينهما حتى كأن الكلامين أفرغا واحداً ، ولو أسقطتها كان الثاني نائياً عن الأول ، كقوله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " وقوله تعالى : " أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور " وقوله تعالى : " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " وقد تنكروا في كلام واحد ، كقوله تعالى : " وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم " ثم متى أسقطت " إن " من الجملة التي أدخلتها عليها ، فإن كانت الجملة الثانية إنما تذكر لإظهار فائدة ما قبلها كما في الآيات المذكورة احتجت إلى الفاء وإلا فلا ، كما في قوله تعالى : " إن هذا ما كنتم به تمترون إن المتقين في مقام أمين " فلو قلت : فالمتقون لم يكن كلاماً ، وكذلك قوله تعالى : " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة " فقوله تعالى : " إن الله يفصل بينهم " في موضع خبر إن ، فدخول الفاء يوجب الثانية : أنك ترى لضمير الشأن والقصة في الجملة الشرطية مع " إن " من الحسن واللطف ما لا تراه إذا هي لم تدخل عليها ، كقوله تعالى " " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " وقوله تعالى : " أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم " وقوله تعالى : " أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم " الثالثة : أنها تهيء النكرة وتصلحها لأن يحدث عنها ، كقوله :
إن شواءً ونشوةً . . . وخبب البازل الأمون

الصفحة 68