كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
فقالت : أو يعد هذا فصاحة بعد قول الله تعالى : " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين .
ولما سمع الوليد بن المغيرة من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قوله تعالى : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " قال : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر ، ما يقول هذا بشر .
وسمع آخر رجلاً يقرأ : " فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا " فقال : أشهد مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام .
وقال أبو عثمان عمرو بن الجاحظ : البيان اسم جامع لكل ما كشف لك من قناع المعنى ، وهتك الحجاب عن الضمير ، حتى يفضي السامع إلى حقيقة اللفظ ويهجم على محصوله كائناً ما كان .
وقيل لجعفر بن يحيى : ما البيان ؟ فقال : أن يكون اللفظ محيطاً بمعناك كاشفاً عن مغزاك ، وتخرجه من الشركة ، ولا تستعين عليه بطول الفكرة ويكون سليماً من التكلف ، بعيداً من سوء الصنعة ، بريئاً من التعقيد ، غنياً عن التأمل .

الصفحة 7