كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 70 """"""
أي مجيئك هذا مدلاً بنفسك مجيء من يعتقد أنه ليس مع أحد رمح غيره . وقد تجئ إذا وجد أمر كان المتكلم يظن أنه لا يوجد ، كقولك للشيء الذي يراه المخاطب ويسمعه : إنه كان من الأمر ما ترى ، إنه كان مني إليه إحسان فقابلني بالسوء كأنك ترد على نفسك ظنك الذي ظننت وعليه قوله عز وجل حكاية عن أم مريم : " قالت رب إني وضعتها أنثى " وحكاية عن نوح : " قال رب إن قومي كذبون " وأما إنما - فتارة تجئ للحصر بمعنى أن هذا الحكم لا يوجد في غير المذكور وهي بمنزلة ليس إلا ، كقوله تعالى : " أنما يستجيب الذين يسمعون " وقوله : " إنما تنذر من اتبع الذكر " وقوله تعالى : " إنما أنت منذر من يخشاها " تارة تجئ لبيان أن هذا الأمر ظاهر عند كل حد ، سواء كان كذلك أم في زعم المتكلم ، ومنه قول الشاعر :
إنما مصعب شهاب من الل . . . ه تجلت عن وجهه الظلماء
مدعياً أن ذلمك مما لا ينكره أحد من الناس قال : واعلم أنه يستعمل للتخصيص ثلاث عبارات : الأولى : إنما جاء زيد .
الثانية : جاءني زيد لا عمرو ، والرفق أن في الأولى يفهم إيجاب الفعل من زيد ونفيه عن غيره دفعة واحدة ، ومن الثانية دفعتين ، ثم إنهما كلتيهما يستعملان لإثبات التخصيص لا لنفي التشريك وفيه نظر .
الثالثة : ما جاءني إلا زيد ، وهي بالأصل الوضع تفيد نفي التشريك ، ولهذا لا يصح ما زيد إلا قائم لا قاعد ، لأنك بقولك : إلا قائم نفيت عنه كل صفة تنافى القيام ، فيندرج فيه نفي القعود ، فإذا قلت بعده ، : لا قاعد كان تكراراً لأن لفظة " لا " موضوعة لأن ينفى بها ما أوجب الأول لا لأن يعاد بها نفي ما نفي أولا

الصفحة 70