كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 72 """"""
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما . . . يدافع عن أحسابكم أنا أو مثلي فإن غرضه أن يحصر المدافع بأنه هو لا المدافع عنه ، ولو قال : إنما أنا أدافع عن أحسابكم توجه التخصيص إلى المدافع عنه ، " وحكم المبتدأ والخبر " إذا أدخلت عليهما إنما ، فإن قدمت الخبر فالاختصاص للمبتدأ ، وإن لم تقدمه فللخبر ، فإذا قلت : إنما هذا لك فالاختصاص في " لك " بدليل أنك بعده تقول : لا لغيرك ، فإذا قلت إنما لك هذا فالاختصاص في " هذا " بدليل أنك بعده تقول : لا ذاك وعليه قوله تعالى : " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " وقوله تعالى : " إنما السبيل على الذين يستأذنوك " فالاختصاص في الآية الأولى للبلاغ والحساب ، وفي الثانية في الخبر الذي هو على الذين دون المبتدأ الذي هو السبيل .
وإذا وقع بعدها الفعل فالمعنى أن ذلك الفعل لا يصح إلا من المذكور ، كقوله تعالى : " إنما يتذكر أولوا الألباب " ثم قد يجتمع معه حرف النفي إما متأخراً عنه كقولك : إنما يجئ زيد لا عمر : قال تعالى : " إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر " وقال لبيد :
فإذا جوزيت قرضاً فاجزه . . . إنما يجزى الفتى ليس الجمل
وإما مقدماً عليه ، كقولك : ما جاءني زيد وإنما جاءني عمرو ، فها هنا لو لم تقل : وقلت : ما جاءني زيد وجاءني عمرو لكان الكلام مع من ظن أنهما جاءاك جميعاً ، وإذا أدخلتها فإن الكلام مع من غلط في الجائي أنه زيد لا عمرو .
قال : واعلم أن أقوى ما تكون " إنما " إذا كان لا يراد بالكلام الذي بعدها نفس معناه ، ولكن التعريض بأمر هو مقتضاه ، فإنا نعلم أنه ليس الغرض من قوله تعالى : " إنما يتذكر أولوا الألباب " أن يعلم السامعون ظاهر معناه ولكن أن يذم الكفار ويقال لهم : إنهم من فرط العتاد في حكم من ليس بذي عقل ، وقوله تعالى : " إنما أنت منذر من يخشاها " و " إنما تنذر الذين يخشون

الصفحة 72