كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 85 """"""
لأن قوله : حلو ومر خارج مخرج الاستعارة ، إذ ليس الإنسان ولا شمائله مما يذاق بحاسة الذوق .
ومن أمثلة التكافؤ قول ابن رشيق :
وقد أطفأوا شمس النهار وأوقدوا . . . نجوم العوالي في سماء عجاج
وقد جمع دعبل في بيته المتقدم بين الطباق والتكافؤ ، وهو :
لا تعجبي يا سلم من رجل . . . ضحك المشيب برأسه فبكى
لأن ضحك المشيب مجاز ، وبكاء الشاعر حقيقة .
قال : هكذا قال ابن أبي الإصبغ وفيه نظر لأنه إذا كان الطباق عنده هو التضاد من حقيقتين والتكافؤ التضاد من مجازين فليس في البيت ما شرطه .
قال : ومما جمع بين طباقي السلب والإيجاب قول الفرزدق من إنشادات ابن المعتز :
لعن الإله بني كليب إنهم . . . لا يغدرون ولا يفون لجار
يستيقظون إلى هيق حميرهم . . . وتنام أعينهم عن الأوتار
وذكر في آخر الباب طباق الترديد ، وهو أن يرد آخر الكلام المطابق إلى أوله فإن لم يكن الكلام مطابقاً فهو رد الأعجاز على الصدور ، ومثاله قول الأعشى :
لا يرفع الناس ما أوهوا وإن جهدوا . . . طول الحياة ولا يوهون ما رقعوا .
وأما المقابلة - وهي أعم من الطباق ، وذكر بعضهم أنها أخص وذلك أن تضع معاني تريج الموافقة بينها وبين غيرها أو المخالفة فتأتي في الموافق بما وافق وفي المخالف بما خالف أو تشرط شروطاً وتعد أحوالاً في أحد المعنيين فيجب أن تأتي في الثاني بمثل ما شرطت وعددت في الأول كقوله عز وجل : " فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى " وقوله تعالى : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء " ومثاله من النظم قول الشاعر :
فيا عجب كيف اتفقنا فناصح . . . وفي مطوى على الغل غادر