كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 91 """"""
وأمثال ذلك في الكتاب العزيز كثيرة لكن الزائد على ذلك هو الأكثر ، وكان بديع الزمان يكثر من ذلك في رسائله ، كقوله : كميت نهد ، كأن راكبه في مهد يلطم الأرض بزبر وينزل من السماء بخبر ، قالوا : لكن التذاذ السامع بما زاد على ذلك أكثر ، لتشوقه إلى ما يرد متزايداً على سمعه .
فأما الفقر المختلفة فالأحسن أن تكون الثانية أزيد من الأولى ولكن بقدر كثير لئلا يبعد على السامع وجود القافية فيقل الالتذاذ بسماعها ، فإن زادت القرائن على اثنين فلا يضر تساوي القرينتين الأوليين وزيادة الثالثة عليهما وإن زادت الثانية عن الأولى يسيرا ، والثالثة على الثانية فلا بأس ، لكن لا يكون أكثر من المثل ، ولا بد من الزيادة في آخر القرائن ، مثاله في القرينتين : " وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولداً " ومثاله في الثالثة قوله تعالى : " وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً " وأقصر الطوال ما كان من إحدى عشرة لفظة وأكثرها غير مضبوطة مثاله من إحدى عشرة لفظة : " ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور " والتي بعدها من ثلاث عشرة كلمة ، ومثاله من عشرين لفظة قوله تعالى : " إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور " وأما رد العجز على الصدر - فهو كل كلام منثور أو منظوم يلاقى آخره أوله بوجه من الوجوه ، كقوله تعالى : " وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " وقوله تعالى : " لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى " وقولهم : " القتل انفى للقتل " و " الحيلة ترك الحيلة " وقولهم : طلب ملكهم فسلب ما طلب ونهب ما لهم فوهب ما نهب .