كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 96 """"""
لئن كنت قد بلغت عني جناية . . . لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ولكنني كنت امرءاً لي جانب . . . من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما مدحتهم . . . أحكم في أموالهم وأقرب
كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم . . . فلم ترهم في مدحهم لك أذنبوا
يقول : أنت أحسنت إلى قوم فمدحوك ، وأنا أحسن إلى قوم فمدحتهم فكما أن مدح من أحسنت إليه لا يعد ذنباً فكذا مدحي لمن أحسن إلي لا يعد ذنباً .
قال ابن أبي الإصبع ، ومن شواهد هذا الباب قول الفرزدق :
لكل امرئ نفسان كريمة . . . ونفس يعاصيها الفتى ويطيعها
ونفسك من نفسيك تشفع للندى . . . إذا قل من أحرارهن شفيعها
يقول : لكل إنسان نفسان : نفس مطمئنة تأمره بالخير ، ونفس أمارة بالسوء تأمره بالشر ، والإنسان يعاصي الأمارة مرة ويطيعها أخرى ، وأنت إذا أمرتك الأمارة بترك الندى شفعت المطمئنة إليها في الندى في الحالة التي يقل فيها الشفيع في الندى من النفوس فأنت أكرم الناس .
حسن التعليل
وأما أحسن التعليل - فهو أن يدعي لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف وهو أربعة أضرب : لأن الصفة إما ثابتة قصد بيان علتها ، أو غير ثابتة أريد إثباتها فالأولى إما لا تظهر لها في العادة علة ، كقوله :
لم يحك نائلك السحاب وإنما . . . حمت به فصبيبها الرخصاء
أو يظهر لها علة كقوله :
ما به قتل أعاديه ولكن . . . يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب
فإن قتل الأعداء في العادة لدفع مضرتهم لا لما ذكره .