كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 6)

{فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ}: أَي ما على الرسول سوى تبليغ ما حمله الله من الرسالة وقد فعل.
{وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ}: من الطاعة القلبية والظاهرية.

التفسير
53 - {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ. . .} الآية.
بَيَّن الله في الآيات السابقة أَن المنافقين {يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ} عن قبول التحاكم إِلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووصفهم بقوله: {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} إِلى آخر ما جاء فيهم من ذم أحوالهم، وجاءت هذه الآية لتبين أنهم لما علموا بنزول هذه الآيات فيهم جاءوا إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليبرئوا أنفسهم من النفاق والكذب في أَيمانهم ويعلنوا طاعتهم، وأقسموا على أنه - صلى الله عليه وسلم - لو أمرهم أَن يخرجوا من أموالهم وديارهم لفعلوا. (¬1)
والمعنى: وأقسم المنافقون مبالغين في إِقسامهم جهد طاقتهم، ليبرئوا أنفسهم من النفاق وعدم الطاعة والانقياد لحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قائلين: والله لئن أمرتنا يا رسول الله بالخروج من ديارنا وأموالنا لنفذنا أمرك، وخرجنا منها طاعة لأمرك، فرد الله عليهم قائلا لرسوله:
{قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أَي: قل لهم أيها الرسول: لا تقسموا على طاعة الله ورسوله، فطاعتكم طاعة معروفة للناس، فهي طاعة باللسان، وليست نابعة من قلوبكم , أن الله خبير بما يصدر عنكم من أعمال النفاق الضارة بالإسلام وبالمسلمين، فمجازيكم عليها أشد الجزاء.
54 - {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ}:
قل لهم أيها الرسول: أطيعوا الله ورسوله مخلصين غير منافقين , فإن تتولوا وتعرضوا عما كلفتم به من الطاعة فما على الرسول سوى تبليغ الرسالة التي حمله الله تعالى أمر تبليغها،
¬__________
(¬1) وفسر بعضهم الخروج في الآية بالخروج الجهاد، ولكنه غير مناسب لسياق الآيات قبلها.

الصفحة 1454