كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 7)

{بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا}: اغتر أصحابها ولم يقوموا بحق النعمة، من البطَرِ، وهو: جحود النعمة وكفران الفضل. وفي القاموس: البَطَرُ: الأَشَرُ وقلَّة احتمال النعمةِ، أو الطغيان بها، وفعله: كَفَرِح (¬1). أهـ.
{أُمِّهَا} في القاموس؛ أُمُّ كل شيء: أصله وعماده وأُمُّ القرى: مكَّةُ؛ لأَنها توسَّطت الأرض، أو لأنَّها قبلة الناس يؤُمُّونها.
{لَاقِيهِ}: مدركٌ له، ظافر به.
{الْمُحْضَرِينَ}: الذين يُحْضَرُون مرغَمين للعذاب، وفي القاموس: حضر - كنصر وعلِم - حضورًا، ضد غاب (كاحتضر وتحضر).
التفسير
57 - {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ... } الآية.
هذا قول بعض مشركى مكة (¬2)، قال ابن عباس: قائل ذلك من قريش: الحارث ابن عثمان بن نوفل بن عبد مناف القرشيّ، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لنعلم أن قولك حق، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ونؤمن بك مخافةَ أن يتخطَّفنا العرب من أرضنا - يعني مكة - لاجتماعم على خلافنا ولا طاقة لنا بهم، وهذا من تَعِلاتِهم الكاذبة، وأعذارهم الباطلة، وحججهم الواهيةِ. وفيه ما فيه من اعترافهم بأن ما مع محمد - عليه السلام - هو الهدى، وتسجيلهم على أنفسهم أنه ما صدّهم عن الإِيمان به إلا خوفهم على مصالحهم وفزعهم من ثورة العرب عليهم إذا أسلموا، وقد أجاب الله عن تعللهم هذا بقوله:
{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا}: أي أو لم نعصمهم ونثبت أقدامهم ونجعل مقرهم حرما أمينا لحُرمة البيت الحرام الذي تتناحر العرب حوله، ولا تجتريء على القتال فيه، وكانت العرب في الجاهلية يغير بعضهم على بعض لأوهى الأسباب، وأهل مكة آمنون في حرمهم لا يخافون، ومع أنهم قارُّون بواد غير ذي زرع فإن الثمرات والأرزاق تجمع لهم من كل صوْب ويحملها الناس إليهم من كل حدب،
¬__________
(¬1) قاموس ج 4 ص 374.
(¬2) انظر القرطبي الكشاف.

الصفحة 1792