كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 7)

65 - {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}:
أي: واذكر - أيها الرسول - كذلك يوم يُنَادى المشركون من جانب الله تعالى - نداءَ توبيخ، فيُقال لهم: بأَي شيء أجبتم رسلي الذين بعثتهم لإرشادكم ودعوتكم للإيمان والتوحيد فبلغوا الرسالة وأدوا الأمانَة وكيف كان حالكم معهم؟
66 - {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ}:
أي: فخفيت عليهم الحجج وغابت، قال مجاهد: لأن الله قد أدحض حججهم، وقال الزمخشري: لا يسأل بعضهم بعضًا كما يتساءَل الناس في المشكلات لأنهم يتساوون جميعًا في عمى الأنباء عليهم والعجز عن الجُواب، وإذا كان الأنبياءُ - لهول ذلك اليوم - يترددون في الجواب عن مثل هذا السؤال لعجزهم ويفوضون الأمر إلى علم الله، وذلك قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (¬1). فما ظنك بالضُّلَّالِ من أُممِهم؟.
67 - {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}:
لما ذكر الله - سبحانه وتعالى - من حق عليهم القول من التابع والمتبوع قال - سبحانه وتعالى، حثا لهم على التوبة والإقلاع عن الشرك -: فأما من تاب من المشركين عن الشرك وجمع بين الإيمان والعمل الصالح فعسى أن يكون من الفائزين بالمطلوب عنده - عَزَّ وَجَلَّ - الناجين من الهلاك، فلا جدوى لتوبة بغير إيمان ولا حجة لإيمان بغير عمل صالح، وقد جاء هذا المعنى في القرآن الكريم قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2).
و (عسى) للتحقيق على عادة الكرام، فهي من الله واقعة بفضله وكرمه ومنِّه ووعده الذي لا يتخلف، والتعبير بعسى ليعلم أن الإنسان مهما عمل صالحًا فليس له إلا الرجاءُ والأمل في رحمة الله، وفي الحديث الصحيح: "لن يُدخل أحدًا عملهُ الجنة، قالوا: ولا أنت
¬__________
(¬1) المائدة الآية: 109.
(¬2) سورة طه الآية: 82

الصفحة 1799