كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 7)

إلى الله، حيث لم تنهه عنها، وعلى هذا يخرج الحديث المروي عن ابن مسعود وابن عباس وهو: "في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصى الله - تعالى - فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد بصلاته من الله إلاَّ بعدا".
وقيل لابن مسعود: إن فلانا كثير الصلاة. فقال: (إنها لا تنفع إلاَّ من أطاعها، وطاعة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وكأنه أراد بالصلاة التي تطاع وتنهى عن ذلك الصلاة الخاشعة المقبولة، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله - تعالى -: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} قال: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له" بمعنى: أنها لم تؤت ثمرتها، كما في الصلاة التي تؤدي مع الغفلة التامة، والإخلال بما يليق بها، وهذه الصلاة تلف كما يلف الثوب الخلق ويرمى بها وجه صاحبها فتقول له: ضيعك الله كما ضيعتنى، كما جاء في السنة.
وبالجملة، فإن الصلاة تنهى من واظب عليها، وأقبل بقلبه فيها على ربه، فإنها تنتهى بصاحبها إلى صلاح الحال وحسن المآل، ويشير إلى هذا ما أخرج أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن فلانا يصلى بالليل، فإذا أصبح سرق، قال: "سينهاه ما تقول".
{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر}: أي والصلاة أكبر من سائر الطاعات في أثرها وثمرتها؛ لأن ما فيها من ذكر الله هو العمدة في الأمر بالحسنات والنهي عن السيئات، ويشير إلى ذلك قوله - تعالى -: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} بمعنى: امشوا إلى الخطبة والصلاة.
وقيل: ولذكر الْعبْدِ الله - تعالى - أكبر من سائر أعماله، فهو تعميم بعد تخصيص.
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي الدرداء قال: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها

الصفحة 1863