كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
والحمد لله الذي جعل ماله له مسره ، يوم يرى الذين يكتنزون الذهب والفضة المال عليهم حسره ؛ ما أحسب أحداً من هذه الأمة إن كان عند الله من أهل الشهادات بين يديه ، وإن كان كريم الوفادة لديه ؛ إلا تلقاه شاكراً لهذا السلطان شاهداً بما يولى هذه الأمة من الإحسان ، " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " سيحصد الزارعون ما زرعوا ، والله يزيده توفيقاً إلى توفيقه ، ويلهم كل مسلم القيام بمفترض بره ويعيذه من محذور عقوقه ؛ وأنا أعلم أن الحضرة تفرد لي شطرا من زمانها المهم ، لكتاب تلقيه إلي ، وخبر سار ؟ تورده علي ؛ وأنا أفرد شطراً من زماني لشكرها ، وأسر والله لها بتوفيق الله في جميع أمرها ، فإن الذاكر لها بالخير كثير ، فزاد الله طيب ذكراها ؛ ورأيه الموفق في أن يجريني على كنف العادة ، ولا يقطع عني هذه المادة ؛ إن شاء الله تعالى .
وكتب : ورد كتاب المجلس السامي - نصر الله عزائمه ، وأمضى في رؤوس الأعداء صوارمه ، وشد به بنيان الإسلام ودعائمه ، واسترد به حقوق الإسلام من الكفر ومظالمه ، وأخلف نفقاته في سبيل الله ومغارمه ، وجعلها مغانمه - وكان العهد به قد تطاول ، والقلب في المطالبة ما تساهل ، ولمحت أشغاله بالطاعة التي هو فيها وما كل من تشاغل تشاغل ؛ فهنأه الله بما رزقه ، وتقبل في سبيل الله ما أنفقته وعافى الجسم الذي أنضاه في جهاد عدوه وأخلقه ، وقد وفق من أتعب نفساً في طاعة من خلقها ، وجسماً في طاعة من خلقه ؛ فهذه الأوقات التي أنتم فيها أعراس الأعمار ، وهذه النفقات التي تجري على أيديكم مهور الحور في دار القرار ؛ قال الله سبحانه في كتابه الكريم : " وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " وأما فلان وما يسره الله له ، وهونه عليه ، من بذل نفسه وماله ، وصبره على المشقات واحتماله ، وإقدامه في موقف الحقائق قبل رجاله ؛ فتلك نعمة الله عليه ، وتوفيقه الذي ما كل من طلبه وصل إليه ؛ وسواد العجاج في تلك المواقف ، بياض ما سودته الذنوب من الصحائف " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً " فما أسعد تلك الوقفات ، وما

الصفحة 10