كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 100 """"""
مفتاحه ، ولا ليل خطبٍ دجا إلا وغرته الميمونة صباحه ، ولا عز أملٌ لأهل الإسلام إلا وكان في رأيه المسدد نجاحه ، ولا حصل خللٌ في قطرٍ من الممالك إلا وكان بمشيئة الله وبسداد تدبيره صلاحه ؛ ولا اتفق مشهد غزوٍ إلا والملائكة بمضافرته فيه أعدل شهود ، ولا تجدد فتوحٌ للإسلام إلا جاد فيه بنفسه وأجاده ، والجود بالنفس أقصى غاية الجود كم أسلف في غزو الأعداء من يومٍ أغر محجل ، وأنفق ماله ابتغاء مرضات الله فحاز النصر المعجل والأجر المؤجل ؛ وأحيا من معالم العلوم ودوارس المدارس كل داثر ، وحثه إيمانه على عمارة بيوت الله تعالى الجامعة لكل تالٍ وذاكر ، " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " ؛ وهو الذي ما زالت الأولياء تتخيل مخايل السلطنة في أعطافه معنىً وصوره ، والأعداء يرومون إطفاء ما أفاضه الله عليه من أشعة أنواره " ويأبى الله إلا أن يتم نوره " ؛ طالما تطاولت إليه أعناق الممالك فأعرض عنها جانبا ، وتطفلت عليه فغدا لها رعايةً لذمة الوفاء مجانيا ؛ حتى أذن الله سبحانه لكلمة سلطانه أن ترفع وحكم له بالصعود في درج الملك إلى المحل الأعلى والمكان الأرفع ، وأدى له من المواهب ما هو على اسمه في ذخائر الغيوب مستودع ؛ فعند ذلك استخار الله تعالى سيدنا ومولانا أمير المؤمنين المستكفي بالله - جعل الله الخلافة كلمة باقيةً في عقبه ، وأمتع الإسلام والمسلمين بشريفي حسبه ونسبه - وعهد إلى المقام العالي السلطاني بكل ما وراء سرير خلافته ، وقلده جميع ما هو متقلده من أحكام إمامته ؛ وبسط يده في السلطنة المعظمه ، وجعل أوامره هي النافذة وأحكامه هي المحكمه ؛ وذلك بالديار المصرية والممالك الشامية ، والفراتية والحلبية والساحليه ، والقلاع والثغور المحروسة والبلاد الحجازية واليمانيه ؛ وكل ما هو من الممالك الإسلامية إلى خلافة أمير المؤمنين منسوب ، وفي أقطار إمامته محسوب ؛ وألقى إلى أوامره أزمة البسط والقبض والإبرام والنقض ، والرفع والخفض ، وما جعله الله في يده من حكم الأرض ، ومن إقامة سنةٍ وفرض ؛ وفي كل هبةٍ وتمليك ، وتصرفٍ في ولاية أمير المؤمنين من غير شريك ؛ وفي تولية القضاة والحكام ، وفصل القضايا والأحكام ؛ وفي القضايا والأحكام ؛ وفي سائر التحكم