كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
الحمد لله الذي شيد ركن الإسلام بسيفه المنتضى ، وجدد للملك مزيد التأييد بكافله الذي ما برح وفاؤه للملوك الأواخر والأوائل مرتضى ، وأنجز من وعوده الاتفاق والتوفيق ما كان من ذمة الدهر مقتضى ، جامع شمل الأوامر والنواهي بتفويضها إلى من تبيت العدا من مهابته على جمر الغضى ، ومنيل المنى بمواهبه التي تحوز مواد الاختيار وتجوز أمد الرضا ، وملقي مقاليد التدبير إلى من أضحى جميل التأثير إذا تصرف في الرفع والخفض حكم القضا ، ومصرف أزمة الأمور في يد من غدا ثابت العزمات في الأزمات ، فما أظلم خطبٌ إلا انجلى بمصابيح آرائه وأضا ؛ نحمده على أن عضد دولتنا بالكافل الكافي الذي اختاره الله لنا على علم ، ومنح أيامنا مولاة الولي الذي جمعت فيه خلتان يحبهما الله ورسوله : وهما الأناة والحلم ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مشرقة الأنوار ، مغدقةً سحبها بأنواء المنن الغزار ؛ ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بعثه الله لإقامة شعائر الإيمان ، وخص ملته في الدنيا والآخرة باليمن والأمان ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من أضحى بفضل السبق للإيمان به صديقه وصديقه ، وأمسى لفرط الألفة أنيسه في الغار ورفيقه ؛ ومنهم من ضافره في إظهار النبوة ووازره ، وظاهره على إقامة منارها بإطفاء كل ثائرة وإخماد كل نائره ؛ ومنهم من ساعد وساعف في تجهيز جيش العسره ، وأحسن وحسن مع إخوانه المؤمنين الصحبة والعشره ؛ ومنهم من كان سيفه الماضي الحد ، ومهنده الذي كم فل بين يديه الجموع فما اعترض إلا قط ولا اعتلى إلا قد ؛ وسلم تسليما كثيرا ؛ أما بعد ، فإن الله تعالى لما هنأ لنا مواهب الظفر ، وهيأ لنا من الملك مواد إدراك المنى وبلوغ الوطر ، وأيدنا من أنصارنا بكل ذي فعلٍ أبر ووجهٍ أغر ؛ وشد أزرنا بمضافرة سيف يزهى الملك بتقليده ، وأمدنا بمؤازرٍ تتصرف المنى والمنون بين وعده ووعيده ؛ وجب علينا أن نحوط دولتنا بمن لم تزل حقوق مودته بحسن الثناء حقيقه ، وعهود محبته في ذمام الوفاء متمكنةً وثيقه ، وطريقته المثلى

الصفحة 103