كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
بالضريبة ولا تفل له مضارب ؛ وكم لقي بصدره الألوف من التتار - خذلهم الله - والمنايا قد بلغت من النفوس المنى ، وأمضى سيفه سفي الحروب وما شكا الضنى ؛ وحمل حملة فرق بها كل شملٍ للكفار اجتمع ، وقطع أعناق العدافى رضى الله تعالى ولا ينكر السيف إذا قطع ؛ ووصل من العلياء إلى غايةٍ تزاحم الكواكب بالمناكب ، وتفرد بأمر الجيوش فأضحى بدر الكتائب وصدر المواكب ؛ إذا جاش الجيش ثبت عند مشتجر الرماح ، وإذا أظلم ليل النقع وضحت أسارير جبينه وضوح الصباح ، وإذا قدم في كتيبة رأيت البر بحرا من سلاح وإذا رفعت راياته يوم الوغى كبرت بالظفر على ألسنة الرماح ، وإذا كان في جحفلٍ كانت عزائمه للقلب قلبا وصوارمه جناحا للجناح ، وغذا قدر في السلم عفا لكنه في الحرب قليل الصفح بين الصفاح ؛ وهو الذي ما برحت أيدي انتقامه تهدم من أهل الشرك العمائر والأعمار ، وبروق سيوفه تذهب بالنفوس لا بالأبصار ، ويمن يمينه وصبح جبينه هذا يستهل بالأنواء وذا بالأنوار ؛ اقتضى حسن الرأي الشريف أن نوفي حقوق مودته التي أسلفها لنا في كل نعمى وبوسى ، وأن نضاعف علو مكانه من أخوتنا ليكون منا كهارون من موسى ؛ فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المظفري الركني - لا برح يوفي بعهود الأولياء ويفي ، ويمنح من أخلص النية في ولائه البر الخفي والفضل الحفي - أن تكون كلمة الجناب الكريم العالي الأميري السيفي المشار إليه - أعز الله نصره - نافذةً في كفالة الممالك الإسلامية ، متحكمةً في نيابة السلطنة المعظمة ، وأوامره المطاعة في إمرة الجيوش وحياطة الثغور التي غدت بدوام كفالته متبسمة ؛ على أجمل عوائده ، وأكمل قواعده ؛ نيابةً ثابتة الأساس ، نامية الغراس ؛ لا يضاهى فيها ولا يشارك ، ولا يخرج شيءٌ من أحوالها عن رأيه المبارك ؛ فليبسط نهيه وأمره في التدبير والإحكام ، وليضبط الممالك حتى لا تسامى ولا تسام ؛ وليطلع من آرائه في سماء الملك نجوما بها في المصالح يهتدى ، وليرفع من قواعده ما يخفض به قدر العدا ؛ وليضاعف ما ألفته الأمة من عدله ، وليجر على أكرم عاداته من نشر إنصافه وشمول فضله ، وليعضد جانب الشرع المطهر في عقده وحله ، وتحريمه وحله ؛ ولينفذ كلمته على ما هو من ديانته

الصفحة 105