كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 109 """"""
قال الراوي : فأعلمته ما خامر قلبي من هواه ، وبذلت نفسي ابتغاءً لرضاه
بثثت له سرى ونحن بروضةً . . . فمالت لتصغي للحديث غصون
فتلقى ضراعتي بالرحب والإقبال ، وسفر عن وجه الرضا فبشرت نفسي ببلوغ الآمال ؛ وقلت :
تذللت في الشكوى إليه فرق لي . . . حنوا لدمعي في الهوى وتذللي
غزالٌ لبست السقم خلعة جفنه . . . على أنني فيه خلعت تجملي
تعلل بالأعذار حتى خدعته . . . بسحر الرقى أفديه من متعلل
فراقب إغفاء الرقيب وهجعة الس . . . مير وراعى حين غفلة عذلى
ووافى أخا الأشواق حلف صبابةٍ . . . أسير هوىً من وجده في تململ
فلم أر روضا كان أحسن بهجةً لعمر الهوى من وجهه المتهلل فأعظمت مسراه وقبلت خاضعا . . . ثرى خطوه شكرا لفضل التطول
وانعطف على انعطاف الغصن الرطيب ، وتمازجت قلوبنا حتى أشكل علي أينا الحبيب ؛ وفزت منه ببديع جمال تلذ به النفوس ، ورشفت من رضابه أحلى ما ترشفه الأفواه من شفاه الكؤوس
تعلقته صائدا للقلوب . . . بألحاظه سالبا للنهى
بديع الجمال إذا ما بدا . . . ترى فيه للعين مستنزها
فكم فيه للعين من روضةٍ . . . وكم فيه للنفس من مشتهى
يا حسنه لما أتى بوعده وعلى غير وعد ، ويا لذاذة قربه ويا حرارة ما ذقناه بعدها من هجرٍ وصد ؛ فلم نزل على ذلك مدةً أغفى الدهر عنا فيها ، أقضى حياةً طابت تلذذا وترفيها
رعى الله محبوبا نعمت بوصله . . . وقد بعدت عنا الغداة عيون

الصفحة 109