كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 112 """"""
وذوى غصن السرور بعد أن كان رطيبا ، و فقدت لنداء مجيبا ؛ وأغلقت باب الدعه ، و أسبلت هواطل أدمعي قائلا للأجفان : لا تخشى فأنت منفقة من سعه ؛ ولولا التعلل بالذكرى ، والتأمل في حسنه الذي تشكل في مرآة القلب فسر سرا ؛ لقلت : كأنك قد ختمت على ضميري . . . فغيرك لا يمر على لساني
ولي عينٌ تراك وأنت تنآى . . . كما ترنو إليك وأنت داني
وأقرب ما يكون هواك مني . . . إذا ما غاب شخصك عن عياني
شغلت عن الورى بصري وسمعي . . . كأنهما بحبك مفردان
فهأنا لا أعاين ما بدا لي . . . سواك ولا أصيخ لمن دعاني
ثم إني فارقت الحياه ، وبذلتها راغبا في هواه ؛ ولم أزل كذلك إلى أن ظهرت آثار قربه ، وسرى النسيم عطرا فعلمت قرب ركبه
وأذكرني ذاك الصبا زمن الصبا . . . وما الشوق إلا ما تجدد بالذكر
فكاد قلبي يطير للقائه ، ولولا تستره بحجب الفؤاد لخرج من قوة برحائه ؛ وتذكرت كيف يكون اللقاء والاجتماع ، والرقباء قد أزمعوا على المنع والدفاع ، وقلت : فارقني على غير رضا ، وجفاني من غير ذنب ، ونآى عني من غير وداع ؛ وهأنا في غيابه وحضوره ، وسخطه وسروره ؛ لا أحول عن وده ، ولا أرى إلا الوفاء بعهده
هيهات ما وجدي عليك بزائل . . . فإلام يطنب في الملامة عاذلي
ناشدتك العهد القديم ويومنا . . . بلوى الصريم وبانه المتمايل
هل تعلمن سوى هواك وسيلةً . . . تدنى رضاك وقد جهلت وسائلي
أدنيتني حتى إذا تيمتني . . . بمحاسنٍ ومعاطفٍ وشمائل

الصفحة 112