كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 116 """"""
ولمناقبهم تاليا ولمحاسنهم ذاكرا ؛ وله من النظم ما رقت حواشيه ، وراقت معانيه ؛ ومن النثر ما عذب وصفا ، وكمل بلاغةً ولطفا ؛ وحسن إعجازا ، وتناسب صدورا وأعجازا ؛ وقد قدمنا من كلامه في هذا الكتاب ما باسمه ترجمناه ، ولفضائله نسبناه ؛ مما تقف عليه في مواضعه ، وتغتذى بلبان مراضعه ؛ فلنورد له في هذا الباب غير ما تقدم إيراده وما تأخر ، ونأخذ لتصنيفنا من بلاغته بالنصيب الأوفى والحظ الأوفر .
فمن إنشائه كتاب عن الخليفة المستكفي بالله أمير المؤمنين أبي الربيع سليمان لملك اليمن - عمله تجربةً لخاطره عند ما رسم بمكاتبته ، ابتدأه بأن قال : إما بعد حمد ه مانح القلوب السليمة هداها ، ومرشد العقول إلى أمر معادها ومبتداها ؛ وموفق من اختاره إلى محجة صوابٍ لا يضل سالكها ، ولا تظلم عند اختلاف الأمور العظام مسالكها ؛ وملهم من اصطفاه اقتفاء آثار السنن النبويه ، والعمل بموجب القواعد الشرعيه ؛ والانتظام في سلك من طوقته الخلافة عقودها ، وأفاضت على سدته الجليلة برودها ؛ وملكته أقاصي البلاد ، وناطت بأحكامه السديدة أمور العباد ؛ وسارت تحت خوافق أعلامه أعلام الملوك الأكاسره ، وسرت بأحكامه النيرة مناحج الدنيا ومصالح الآخرة ؛ وتبختر كل منبر من ذكره في ثوبٍ من السيادة معلم ، وتهللت من ألقابه الشريفة أسارير كل دينار ودرهم ؛ يحمده أمير المؤمنين على أن جعل أمور الخلافة ببني العباس منوطه ، وجعلها كلمةً باقيةً في عقبه إلى يوم القيامة محوطه ؛ ويصلى على ابن عمه محمدٍ الذي أخمد الله بمبعثه ما ثار من الفتن ، وأطفأ برسالته ما اضطرم من نار الإحن ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين حموا حمى الخلافة فذادوا عن مواردها ، وتجهزوا لتشييد المعالم الدينية فأقاموها على قواعدها ؛ صلاةً دائمة الغدو والرواح ، متصلا أولها بطرة الليل وآخرها بجبين

الصفحة 116