كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 120 """"""
على نفسك في كل سنة قطيعةً ترفعها إلى بيت المال ، وإياك ثم إياك أن تكون عن هذا الأمر ممن مال ؛ ورتب جيشا مقيما تحت لواء علم السلطان الأجل الملك الناصر للقاء العدو المخذول التتار ، ألحق الله أولهم بالهلاك وآخرهم بالبوار ؛ وقد علمت تفاصيل أحوالهم المشهوره ، وتواريخ سيرهم المذكوره ؛ واحترص على أن يخصك من هذا المشرب السائغ أو في نصيب ، وأن تكون ممن جهز جيشا في سبيل الله فرمى بسهم فله أجرٌ كان مصيبا أو غير مصيب ؛ ليعود رسولك من دار الخلافة بتقاليدها وتشاريفها حملا أهلة أعلامنا المنصوره ، شاكرا بر مواقفنا المبروره ؛ وإني أبى حالك إلا أن استمررت على غيك ، واستمرأت مرعى بغيك ؛ فقد منعناك التصرف في البلاد ، والنظر في أحكام العباد ؛ حتى تطأ خيلنا العتاق مشمخرات حصونك ، وتعجل حينئذ ساعة منونك ؛ وتمسي لهوادي قلاعك عقودا ، ولعرائس حصونك نهودا ؛ وما علمناك غير ما علمه قلبك ، ولا فهمناك غير ما حدسه لبك ؛ فلا تكن كالصغير تزيده كثرة التحريك نوما ، ولا ممن غره الإمهال يوما فيوما ؛ وقد أعلمناك ذلك فاعمل بمقتضاه ، موفقا إن شاء الله تعالى ؛ والحمد لله وحده . البيت الحرام ، وقد علمت أنه وادٍ غير ذي زرع ، ولا يحل لأحدٍ أن يتطرق إليه بمنع ؛ وكفتك الآية دليلا على ما صنعت ، وبرهانا على ما فعلت ؛ ومنها انصبابك على تفريغ مال بيت المال في شراء لهو الحديث ، ونقض العهود القديمة بما تبديه من حديث ؛ ومنها تعطيل أجياد المنابر من عقود اسمنا ، وخلو تلك الأماكن من أمر عقدنا وحلنا ؛ ولو أوضحنا لك ما اتصل بنا من أمرك لطال ، ولا اتسعت فيه دائرة المقال ؛ رسمنا بها والسيف يود لو سبق القلم حده ، والعلم المنصور يحب لو فات القلم واهتز بتلك الروابي قده ؛ والكتائب المنصورة تختار لو بدرت عنوان الكتاب وأهل العزم والحزم يودون إليك إعمال الركاب ؛ والجواري المنشآت قد تكونت من ليلٍ ونهار ، وبرزت كصور الفيلة لكنها على وجه الماء كالأطيار ، وما عمدنا إلى مكاتبتك إلى للإنذار ، وما جنحنا لمخاطبتك إلا للإعذار ؛ فأقلع عما أنت بصدده من الخيلاء والإعجاب ، وانتظم في سلك من استخلفناه على أعمالنا فأخذ بيمينه ما أعطي من كتاب ؛ وصن بالطاعة نفوس من زعمت أنهم مقيمون تحت لواء علمك ، ومنتظمون في سلك أوامر كلمك ، وداخلون تحت طاعة قلمك ؛ فلسنا نشن الغارات على من نطق بالشهادتين لسانه وقلبه ، وامتثل أوامر الله المطاعة عقله ولبه ؛ ودان الله بما يجب من الديانه ، وتقلد عقود الصلاح والتحف بمطارف الأمانه ؛ ولسنا ممن يأمر بتجريد سيف إلا على من علمنا أنه خرج عن طاعتنا ، ورفض كتاب الله ونزع عن مبايعتنا ؛ فأصدرنا مرسومنا هذا إليه يقص عليه من أنباء حلمنا ما أطال مدة دولته ، وشيد قواعد صولته ؛ ويستدعى منه رسولا إلى مواقفنا الشريفه ، ورحاب ممالكنا المنيفه ؛ لينوب عنه في قبول الولاية مناب نفسه ، وليجني بعد ذلك ثمار شفقاتنا إن غرس شجر طاعتنا ومن سعادة المرء أن يجني ثمار غراسه ؛ بعد أن يصحبه من ذخائر الأموال ما كثر قيمةً وخف حملا ، وتغالى في القيمة رتبةً وحسن مثلا ؛ واشرط على نفسك في كل سنة قطيعةً ترفعها إلى بيت المال ، وإياك ثم إياك أن تكون عن هذا الأمر ممن مال ؛ ورتب جيشا مقيما تحت لواء علم السلطان الأجل الملك الناصر للقاء العدو المخذول التتار ، ألحق الله أولهم بالهلاك وآخرهم بالبوار ؛ وقد علمت تفاصيل أحوالهم المشهوره ، وتواريخ سيرهم المذكوره ؛ واحترص على أن يخصك من هذا المشرب السائغ أو في نصيب ، وأن تكون ممن جهز جيشا في سبيل الله فرمى بسهم فله أجرٌ كان مصيبا أو غير مصيب ؛ ليعود رسولك من دار الخلافة بتقاليدها وتشاريفها حملا أهلة أعلامنا المنصوره ، شاكرا بر مواقفنا المبروره ؛ وإني أبى حالك إلا أن استمررت على غيك ، واستمرأت مرعى بغيك ؛ فقد منعناك التصرف في البلاد ، والنظر في أحكام العباد ؛ حتى تطأ خيلنا العتاق مشمخرات حصونك ، وتعجل حينئذ ساعة منونك ؛ وتمسي لهوادي قلاعك عقودا ، ولعرائس حصونك نهودا ؛ وما علمناك غير ما علمه قلبك ، ولا فهمناك غير ما حدسه لبك ؛ فلا تكن كالصغير تزيده كثرة التحريك نوما ، ولا ممن غره الإمهال يوما فيوما ؛ وقد أعلمناك ذلك فاعمل بمقتضاه ، موفقا إن شاء الله تعالى ؛ والحمد لله وحده . ومن إنشائه تقليد السلطان الملك الناصر لما ترك الديار المصرية وأقام بالكرك - وكتب له بذلك من ديوان الإنشاء عن الملك المظفر ركن الدين ، فلم يمكن الكاتب الإطناب ، ولا وسعه غير الاختصار ، فلم يرضه الكتاب ، وعمل جماعةٌ منهم في ذلك تجربةً لخواطرهم ولم يكتب بشيء منها فعمل هو - : الحمد لله مدبر الأمر على ما يشاء في عباده ، ومنقل الحال على حكم اختياره ووفق مراده ، وجري أسباب الممالك على يد من اختاره من عباده لإصدار الأمر

الصفحة 120