كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
وقال الأحنف بن قيس : الشريف من عدت سقطاته .
وقال النابغة :
ولست بمستبقٍ أخا لا تلمه . . . على شعثٍ أي الرجال المهذب
وقالوا : كل صارمٍ ينبو ، وكل جوادٍ يكبو . وكان الأحنف بن قيس حليما سيدا يضرب به المثل ، وقد عدت له سقطات فمن ذلك أنه نظر إلى خيلٍ لبني مازن فقال : هذه خيل ما أدركتبالثار ، ولا نقصت الأوتار ؛ فقال له سعيد بن القاسم المازني : أما يوم قتلت أباك فقد أدركت بثارها ؛ فقال الأحنف : لشيءٍ ما قيل : : دع الكلام حذر الجواب " - وكانت بنو مازن قتلت أبا الأحنف في الجاهلية .
ومنها أنه لما خرج مع مصعب بن الزبير أرسل إليه مائة ألف درهم ، ولم يرسل إلى زبراء جاريته بشيء ، فجاءت حتى وقفت بين يدي الأحنف ، ثم أرسلت عينيها ؛ فقال لها : ما يبكيك ؟ فقالت : ما لي لا أبكي عليك إذ لم تبك على نفسك ، أقعدتها وتذر مرو الروذ تجمع بين غارين من المسلمين ؛ فقال : نصحتني والله في ديني إذ لم أتنبه لذلك ؛ ثم أمر بفسطاطه فقوض ، فبلغ ذلك مصعبا فقال : ويحكم ، من دهاني في الأحنف ؟ فقيل : زبراء ، فبعث إليها بثلاثين ألف درهم ، فجاءت حتى أرخت عينيها بين يديه ؛ فقال : مالك يا زبراء ؟ قالت : عجبت لأحوالك في أهل البصرة ، تزفهم كما تزف العروس ، حتى إذا ضربت بهم في نحور أعدائهم أردت أن تفت في أعضادهم ؛ قال : صدقت والله ، يا غلام دع الفساطيط ؛ فاضطرب العسكر بمجيء زبراء مرتين .