كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 136 """"""
قيل : جلس محمد بن عبد الملك يوما للمظالم ، وحضر في جملة الناس رجلٌ زيه زي الكتاب ، فجلس بإزاء محمد ، ومحمد ينقد الأمور وهو لا يتكلم ، ومحمدٌ يتأمله ؛ فلما خف المجلس قال له : ما حاجتك ؟ قال : جئتك - أصلحك الله - متظلما ؛ قال : ممن ؟ قال : منك ، ضيعةٌ لي في يد وكيلك يحمل إليك غلتها ، ويحول بيني وبينها ؛ قال : فما تريد ؟ قال : تكتب بتسليمها إلي ؛ قال : هذا يحتاج فيه إلى شهودٍ وبينة وأشياء كثيرة ؛ فقال له الرجل : الشهود هم البينة ، وأشياء كثيرة عي ؟ منك ؛ فخجل محمدٌ وهاب الرجل ، وكتب له بما أراد .
ووصف ذو الرمة لعبد الملك بن مروان بالذكاء وحسن الشعر ، فأمر بإحضاره ، فلما دخل عليه أنشده قصيدةً افتتحها بقوله : " ما بال عينك منها الماء ينسكب " وكانت عينا عبد الملك تدمعان دائماً ، فظن أنه عرض سبه ، فغضب وقال : مالك ولهذا السؤال يا بن اللخناء ؟ وقطع إنشاده ، وأمر بإخراجه .
ودخل أبو النجم على هشام بن عبد الملك وأنشده أرجوزته التي أولها : " الحمد لله الوهوب المجزل " حتى انتهى إلى قوله يصف الشمس عند الغروب : " وهي على الأفق كعين الأحول " ، واستدرك سقطة لسانه ، وقطع إنشاده ، وعلم أنها زلة ، لأن هشاما كان أحول ، فقال له هشام : كمل إنشادك ويلك وأتمم البيت ، وأمر بوجء عنقه وإخراجه من الرصافة .