كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
الجاهل شؤم ؛ ومن الكرم ، الوفاء بالذمم ؛ ما أقبح القطيعة بعد الصلة ؛ والجفاء بعد اللطف ، والعداوة بعد الود لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل ؛ واعلم أن لك من دنياك ، ما أصلحت به مثواك ، فأنفق في حق ؟ ولا تكونن خازنا لغيرك ؛ وإذا كان الغدر موجودا في الناس فالثقة بكل أحد عجز ؛ اعرف الحق لمن عرفه لك ؛ واعلم أن قطيعة الجاهل ، تعدل صلة العاقل . قال : فما رأيت كلاما أبلغ منه ، فقمت وقد حفظته . والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب .
ومن كلام علي ؟ رضي اللهعنه : من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره ؛ ومن سل سيف البغي قتل به ؛ ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها ؛ ومن هتك حجاب أخيه انتهكت عورات بيته ؛ ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره ، ومن تكبر على الناس زل ؛ ومن سفه على الناس شتم ؛ ومن خالط العلماء وقر ، ومن خالط الأنذال حقر ؛ ومن أكثر من شيءٍ عرف به ؛ والسعيد من وعظ بغيره ؛ وليس مع قطيعة الرحم تقى ، ولا مع الفجور غنى ؛ رأس العلم الرفق ، وآفته الخرق ؛ كثرة الزيارة تورث الملالة .
وقال موسى بن جعفر : ما تساب اثنان إلا انحط الأعلى إلى رتبة الأسفل .
وقال آخر : ما تساب اثنان إلا غلب ألأمهما .
وقال الحسن بن علي بن موسى الرضي : اعلم أن للحباء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف ، وللحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن ، وللاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل .
قال مهدي بن أبان : قلت لولادة العبدية - وكانت من أعقل النساء - : إني أريد الحج فأوصيني ، قالت : أوجز فأبلغ ، أم أطيل فأحكم ؟ فقلت : ما شئت ؛ فقالت : جد تسد ، واصبر تفز ؛ قلت : أيضاً ؛ قالت : لا يبعد غضبك حلمك ، ولا هواك علمك ؛ وق دينك بدنياك ، وق عرضك بعرضك ؛ وتفضل تخدم ، واحلم تقدم ؛ قلت : فبمن

الصفحة 141